الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل في بطاقات الائتمان

السؤال

بحثت كثيرا في موقع Islam-Online عن حكم بطاقات الائتمان الصادرة عن بنوك ربوية مع الالتزام بتسديد قيمة المشتريات ضمن فترة السماح، ووجدت أن هناك من حرمها مثل مجمع الفقه الإسلامي وهنالك من حللها (مع التأكيد على الالتزام بتسديد قيمة المشتريات ضمن فترة السماح) مثل د. يوسف إبراهيم يوسف (فتوى رقم 32359) و د.أحمد عبد الكريم نجيب (فتوى رقم 69072) والدكتور الشيخ يوسف عبد الله القرضاوي (فتوى رقم 124396). ولي سؤالان:1) هل يجوز الأخذ بفتوى التحليل أم لا؟2) إذا كان ذلك جائزا، فهل يجوز القيام بعملية السحب النقدي مع أخذ العلم بالتالي: - أن العمولة المأخوذة هي 4% من قيمة المبلغ المسحوب (أو 4 دنانير إذا قل مبلغ السحب عن 100 دينار).- إن هذه العمولة يتم فرضها سواء كان الحساب مكشوفا أو لا.- إن هذه العمولة هي نفسها التي يتم تقاضيها من التاجر لقاء المشتريات التي تمت من خلال البطاقة الائتمانية.- أفتى الدكتور على محيي الدين القره داغي بجواز استخدام بطاقة الفيزا في السحوبات النقدية مع أخذ البنك لعمولة على السحوبات مقدارها أربعة بالمائة إذا كانت البطاقة صادرة عن بنك إسلامي (فتوى رقم 7922) باعتبار أن ما يأخذ هو في مقابل الأجهزة والحراسة وهي تدخل شرعا في باب الوكالة بالأجر فهل يجوز تعميم هذه الفتوى على البنوك الربوية آخذين بعين الاعتبار ما قد سلف ذكره.
مع العلم أن لدي بطاقة ائتمانية وقمت باستخدامها خلال العامين السابقين وبفضل الله فإني لم أدفع قرشا واحدا فائدة تأخير (أي أني إلتزمت بالتسديد خلال فترة السماح) علاوة على ذلك فإن البنك المصدر للبطاقة لم يطلب أن أفتح حسابا لديه ولم يأخذ أي ضمان (تم إعطائي البطاقة وتحديد سقف الائتمان بناء على راتبي الشهري فقط).
وجزاكم الله خيرا على جهودكم ودمتم ذخرا لأمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن بطاقات الفيزا التي تصدرها البنوك الربوية تشتمل عادة على التوقيع في العقد على أنه إذا تأخر العميل عن السداد في مدة محددة لزمه دفع مبلغ نظير التأخير، وهذا إقرار للتعامل الربوي المحرم، مع احتمال الوقوع في الربا إذا تأخر عن السداد في الوقت المحدد.

وقد أصدرت البنوك الإسلامية نوعاً من هذه البطاقات ليس فيها ذلك، نعم يجوز للبنك أن يأخذ مبلغاً مقطوعاً في مقابل المصاريف الإدارية وهي لا تزيد بزيادة المبلغ المستخدم عند شراء البضائع.

أما فرض نسبة مئوية على المبلغ المستخدم عن طريق البطاقة فهو الربا بعينه، سواء كان مقابل الإنظار في السداد، أو كان باسم أجرة خدمة ومصاريف إدارية، لأن أيا منهما لا يخرج في حقيقته عن كونه قرضاً بفائدة.

وقد أصدر المجمع الفقهي قراره رقم: 108 (2/12) بشأن بطاقة الائتمان غير المغطاة، وحكم العمولة التي يأخذها البنك وهذا نص القرار:

إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورته الثانية عشرة بالرياض في المملكة العربية السعودية من 25 جمادي الآخرة 1412هـ إلى غرة رجب 1421هـ (23-28/سبتمبر 2000).

بناء على قرار المجلس رقم 5/6/1/7 في موضوع الأسواق المالية بخصوص بطاقة الائتمان، حيث قرر البت في التكييف الشرعي لهذه البطاقة وحكمها إلى دورة قادمة.

وإشارة إلى قرار المجلس في دورته العاشرة رقم 102/4/10 موضوع (بطاقات الائتمان غير المغطاة) وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله من الفقهاء والاقتصاديين، ورجوعه إلى تعريف بطاقة الائتمان في قراره رقم 63/1/7 الذي يستفاد منه تعريف بطاقة الائتمان غير المغطاة بأنه: مستند يعطيه مصدره (البنك المصدر) لشخص طبيعي أو اعتباري (حامل البطاقة) بناء على عقد بينهما يمكنه من شراء السلع، أو الخدمات، ممن يعتمد المستند (التاجر) دون دفع الثمن حالاً لتضمنه التزام المصدر بالدفع، ويكون الدفع من حساب المصدر، ثم يعود على حاملها في مواعيد دورية، وبعضها يفرض فوائد ربوية على مجموع الرصيد غير المدفوع بعد فترة محددة من تاريخ المطالبة، وبعضها لا يفرض فوائد.

قرر ما يلي:

أولاً: لا يجوز إصدار بطاقة الائتمان غير المغطاة ولا التعامل بها، إذا كانت مشروطة بزيادة فائدة ربوية، حتى ولو كان طالب البطاقة عازماً على السداد ضمن فترة السماح المجاني.

ثانياً: يجوز إصدار البطاقة غير المغطاة إذا لم تتضمن شروط زيادة ربوية على أصل الدين.

ويتفرع على ذلك:

أ‌) جواز أخذ مصدرها من العميل رسوماً مقطوعة عند الإصدار أو التجديد بصفتها أجراً فعلياً على قدر الخدمات المقدمة على ذلك.

ب‌) جواز أخذ البنك المصدر من التاجر عمولة على مشتريات العميل منه، شريطة أن يكون بيع التاجر بالبطاقة بمثل السعر الذي يبيع به بالنقد.

ثالثاً: السحب النقدي من قبل حامل البطاقة اقتراضاً من مصدرها، ولا حرج فيه شرعاً إذا لم يترتب عليه زيادة ربوية، ولا يعد من قبيلها الرسوم المقطوعة التي لا ترتبط بمبلغ القرض أو مدته مقابل هذه الخدمة، وكل زيادة على الخدمات الفعلية محرمة لأنها من الربا المحرم شرعاً، كما نص على ذلك المجمع في قراره رقم: 13 (10/2) و 13 (1/3).

رابعاً: لا يجوز شراء الذهب والفضة وكذا العملات النقدية بالبطاقة غير المغطاة. انتهى نص القرار.

أما عمن أجازوا التعامل ببطاقات الائتمان ولو كانت بشرط الفائدة عند التأخر على السداد مع التأكيد على التسديد في فترة السماح، فهذا القول خطأ، ولا ينبغي للمسلم تتبع الرخص والأخطاء، بل عليه أن يسأل من يثق في دينه وعلمه ثم يأخذ بفتواه ولا يتتبع الأقوال التي ظهر الدليل على خلافها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني