الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الثناء على الله تعالى والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

السؤال

عندي شبهة يدعيها البعض وهي أنه كلما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فلا بد للمسلم أن يصلي عليه بينما لا يجب عليه أن يقول بعد ذكر الله: تعالى أو عز وجل أو نحو ذلك، وما حكم من ذكر الله تعالى ولم يقل تعالى أو عز وجل، وما حكم من ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصل عليه، فبعضهم يقولون إن المسلمين يؤلهون النبي صلى الله عليه و سلم، تعالى الله عما يقولون- فما هو جوابكم؟ وبالله تعالى التوفيق.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن كلا من الثناء على الله عز وجل وتعظيمه وتقديسه ومن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم طاعة يتقرب بها إلى الله عز وجل، وقربة ينال بها الأجر والثواب عند الله تعالى، فقد ندب الله تعالى إلى تسبيحه في كل وقت وفي أكثر من موضع، فقال: فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ {الروم:17}، وقال تعالى: وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا {الإنسان:26}، وقال تعالى: وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا {الفتح:9}، إلى غير ذلك من النصوص الصريحة الدالة على الترغيب في تعظيم الله تعالى وتسبيحه وتقديسه، من غير تقييد، وجاء في الحديث المتفق عليه: ولا أحد أحب إليه المدح من الله. وكما أنه تعالى أمر بتسبيحه وتعظيمه فقد أمر كذلك بالصلاة على نبيه عليه أفضل الصلاة وأكمل التسليم، فقال جل من قائل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا {الأحزاب:56}، وقال صلى الله عليه وسلم: البخيل من ذكرت عنده ثم لم يصل علي رواه الإمام أحمد.

ثم إن وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكر اسمه أمر مختلف فيه بين أهل العلم، والقول بالاستحباب أدلته أقوى، وقد ذكر ابن حجر في فتح الباري عند كلامه على حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وأقوال العلماء فيها عند ذكره للرد على القائل بوجوبها: ما معناه أنها لو كانت واجبة لكان الثناء على الله تعالى كلما ذكر أحق بالوجوب ولم يقولوا به: فهذا الكلام -وإن كنا لا نعرف جواب المخالف عنه- يفيد أن الثناء على الله تعالى آكد من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا المعنى يدل له أمره صلى الله عليه وسلم الداعي بأن يبدأ بحمد الله تعالى ويثني بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، ففي سنن الترمذي عن فضالة بن عبيد قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد إذ دخل رجل فصلى فقال: اللهم اغفر لي وارحمني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عجلت أيها المصلي، إذا صليت فقعدت فاحمد الله بما هو أهله وصل علي ثم ادعه. الحديث.

وكذلك كان عمل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبهم وأدعيتهم كانوا يبدؤون بالثناء على الله ويثنون بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.

فإذا تقرر هذا علم أن وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كلما ذكر، فيه ما فيه من الخلاف، وأن الثناء على الله تعالى آكد منه.

وعلى افتراض أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم واجبة، والثناء على الله تعالى ليس بواجب أو كان واجبا ولم يحرص عليه المرء، فليس في المواظبة على الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عند ذكره أي تأليه ولا إطراء، بل إنه مجرد امتثال لأمره تعالى ولأمر نبيه صلى الله عليه وسلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني