الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

منع الزوجة من صلاة النوافل والتسبيح.. رؤية شرعية

السؤال

هل يجوز للرجل منع زوجته من صلاة النوافل أو أن تذهب للعمرة أو يمنعها من التسبيح ؟ وإذا كان يجوز فهل تأخذ المرأة ثواب ما كانت تريد أن تفعله وامتنعت منه طاعة لزوجها ؟ مثلا إذا كانت تريد أن تحج مرة أخرى ومنعها زوجها هل تأخذ ثواب الحج كاملا ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن للزوج على زوجته حقا عظيما بين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في كلمات، وهو الذي أوتي جوامع الكلم فقال: لو كنت آمرا أحد أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها. رواه أصحاب السنن. فيجب عليها طاعته ما لم يأمرها بمعصية لقوله صلى الله عليه وسلم: إنما الطاعة في المعروف. متفق عليه. ومن ذلك أنه لا يجوز لها أن تصوم نافلة وهو حاضر إلا بإذنه، ولا أن تحج حج نافلة إلا بإذنه، وهكذا في كل أمر لا يجب عليها فعله شرعا وكان عمله قد يفوت بعض حقوق الزوج وواجباته، فله أن يمنعها منه وتجب عليها طاعته، وأما الصلاة والذكر ونحو ذلك مما لا يفوت حق الزوج فلم يرد في شأنه أثر ولا يقتضيه القياس والنظر، فلا ينبغي للزوج أن يستعمل هذا الحق الشرعي في غير محله. ولا خير في من لا يحب عبادة ربه وذكره الذي تحيا به النفوس وتطمئن به القلوب( أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ). فكيف يمنع الزوج زوجته أن تسبح الله وتجله؟!! وإن كان لا يتصور ذلك لأن المرء قد يذكر الله سرا في نفسه ولا يسمعه إلا الذي يعلم السر وأخفى.

ومهما يكن من أمر فإن من أعظم ما تتقرب به المرأة إلى ربها عز وجل بعد أداء ما كتب عليها طاعة زوجها كما في الحديث: إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحصنت فرجها وأطاعت بعلها دخلت من أي أبواب الجنة شاءت. رواه ابن حبان. وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله أنا وافدة النساء إليك هذا الجهاد كتبه الله على الرجال فإن يصيبوا أجروا وإن قتلواكانوا عند ربهم يرزقون، ونحن معشر النساء نقوم عليهم فما لنا من ذلك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبلغي من لقيت من النساء أن طاعة الزوج واعترافا بحقه يعدل ذلك، وقليل منكن من يفعله. رواه البزار، وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه بلفظ: فما يعدل ذلك من النساء؟ قال: طاعتهن لأزواجهن والمعرفة بحقوقهم وقليل منكن تفعله. فدل ذلك على أن أعظم الأجر للمرأة في طاعة زوجها وعدم كفران عشرته.

وأما هل يكتب للمرأة أجر ما منعها زوجها من أدائه؟ فنقول إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أقواما بالمدينة خلفنا ما سلكنا شعبا ولا واديا إلا وهم معنا فيه حبسهم العذر. متفق عليه. قال ابن حجر تعليقا على تبويب البخاري" باب من حبسه العذر عن الغزو ولم يذكر الجواب وتقديره فله أجر الغازي إذا صدقت نيته" وقد روى مسلم من حديث جابر الحديث المتقدم لكن بلفظ" حبسهم المرض. قال ابن حجر: والمراد بالعذر ما هو أعم من المرض وعدم القدرة على السفر والمرء يبلغ بنيته أجر العامل إذا منعه العذر عن العمل

ولعل المرأة إذا منعها زوجها من نافلة قصدت أداءها أن يكتب لها أجر تلك النافلة وأجر طاعتها لزوجها إن صحت النية وصدقت الإرادة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني