الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صحة صلاة المنفرد خلف الصف

السؤال

أثناء صلاتي في المسجد, كانت الصفوف كاملة, أتى رجل ولم يجد مكانا ليصطف مع المصلين, فصلى وحده بالصف ، فكنت أعلم بأن الصلاة غير مقبولة بهذه الحالة, لاحظت بأنه وحيدا !! فرجعت إلى الوراء (بدون أن يطلب مني ذلك الرجل) لتقبل صلاته, هل فعلي صحيح ! ؟ أم كان يجب علي تركه ليصلي وحده ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد تقدم في الفتوى رقم: 4825 صحة صلاة المنفرد خلف الصف إذا لم يجد من يقوم معه في الصف ولم يجد فرجة، وأنه ليس له سحب أحد من الصف يصلي معه، بل يصلي في مكانه وصلاته صحيحة، وإذا كان المنفرد بنفسه غير مطالب بسحب من يصلي معه من الصف، فمن باب أولى عدم مطالبة شخص آخر في الصف بالرجوع إليه، وإن كان فقهاء الحنابلة نصوا على أن المنفرد إذا لم يجد فرجة ولم يجد من يقوم معه فله أن ينبه أحد المصلين ليقوم معه، وأن ذلك الذي نبهه يتبعه.

قال في كشاف القناع للبهوتي ممزوجا بمتن الإقناع في المذهب الحنبلي: فإن لم يجد موضعا في الصف يقف فيه وقف عن يمين الإمام إن أمكن، فإن لم يمكنه الوقوف عن يمين الإمام فله أن ينبه بكلام أو بنحنحة أو إشارة من يقوم معه لما في ذلك من اجتناب الفَذِّيَّة ويتبعه من ينبهه وظاهره وجوبا لأنه من باب ما لا يتم الواجب إلا به، ويكره تنبيهه بجذبه نصا لما فيه من التصرف فيه بغير إذنه.

إلا أن هذا مبني على عدم صحة صلاة المنفرد وإن لم يجد أحدا يقوم معه ولم يجد فرجة كما هو المقرر عند الحنابلة، إلا أن الشيخ العثيمين ذكر في كتابه شرح الممتع اختيار شيخ الإسلام صحة صلاة المنفرد إذا لم يجد من يقوم معه ولم يجد فرجة فقال: القول الوسط هو أنه إذا كان لعذر صحت صلاته لأن نفي صحة صلاة المنفرد خلف الصف يدل على وجوب الدخول في الصف لأن نفي الصحة لا يكون إلا بفعل محرم أو ترك واجب، فهو دال على وجوب المصافة، والقاعدة الشرعية أنه لا واجب مع العجز؛ لقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن 16} وقوله: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا {البقر: 286}

فإذا جاء المصلي ووجد الصف قد تم فإنه لا مكان له في الصف وحينئذ يكون انفراده لعذر فتصح صلاته وهذا القول وسط وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، وهو الصواب، فإن قال قائل: لماذا لا تقولون بأن يجذب أحدا من الناس من الصف؟ الجواب أننا لا نقول بذلك، لأن هذا يستلزم محاذير، المحذور الأول: التشويش على الرجل المجذوب. الثاني: فتح فرجة في الصف، وهذا قطع للصف، ويخشى أن يكون هذا من باب قطع الصف الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم من قطع صفا قطعه الله. الثالث: أن فيه جناية على المجذوب بنقله من المكان الفاضل إلى المكان المفضول. الرابع: أن فيه جناية على الصف لأن جميع الصف سيتحرك لانفتاح الفرجة من أجل سدها. انتهى.

ومن خلال هذا يتبين أن السائل الكريم كان عليه أن يستمر في الصف ولا يرجع، وما فعل لا يبطل صلاته لأن المشي خطوة أو خطوتين لا تبطل الصلاة به مع كراهة ذلك لغير حاجة كما نص عليه النووي وغيره.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني