الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا خلاف في جواز قيام الليل للمسافر

السؤال

هل يجوز لي قيام الليل وأنا في بلد آخر غير بلدي أي (مسافر) لأني أقصر باقي الصلوات ولا أصلي الرواتب وجزاكم الله خيرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فيجوز لك قيام الليل في السفر، بل إن ذلك يستحب لك في السفر كما يستحب لك في الحضر، أعني صلاة الليل الزائدة على الوتر، وأما الوتر فإنه سنة مؤكدة في السفر والحضر، والخلاف الجاري بين أهل العلم في التنفل في السفر إنما هو رواتب الصلوات المكتوبة.

قال الحافظ ابن حجر في الفتح عند كلامه على ما روى البخاري عن ابن عمر من قوله: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في السفر على راحلته حيث توجهت به يومئ إيماء صلاة الليل إلا الفرائض ويوتر على راحلته، قال الحافظ: وأما قول ابن عمر لو كنت مسبحا في السفر لأتممت كما أخرجه مسلم وأبو داود، فإنما أراد راتبة المكتوبة لا النافلة المقصودة كالوتر. انتهى.

وقال النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم في معرض كلامه على حديث ابن عمر وقوله لو كنت مسبحا لأتممت قال: ومراده النافلة الراتبة مع الفرائض كسنة الظهر والعصر وغيرها من المكتوبات، وأما النوافل المطلقة فكان ابن عمر يفعلها كما ثبت في مواضع من الصحيح عنه، وقد اتفق العلماء على استحباب النوافل المطلقة في السفر واختلفوا في استحباب النوافل الراتبة فكرهها ابن عمر وآخرون واستحبها الشافعي وأصحابه والجمهور، ودليله الأحاديث المطلقة في ندب الرواتب وحديث صلاته صلى الله عليه وسلم الضحى يوم الفتح بمكة وركعتى الصبح حيث ناموا حتى طلعت الشمس وأحاديث أخرى صحيحة ذكرها أصحاب السنن والقياس على النوافل المطلقة ولعل النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الرواتب في رحله ولا يراه ابن عمر، فإن النافلة في البيت أفضل أو لعله تركها في بعض الأوقات تنبيها على جواز تركها، وأما ما يحتج به القائلون بتركها من أنها لو شرعت لكان إتمام الفريضة أولى فجوابه أن الفريضة متحتمة، فلو شرعت تامة لتحتم إتمامها، وأما النافلة فهي إلى خيرة المكلف فالرفق أن تكون مشروعة ويتخير إن شاء فعلها وحصل ثوابها وإن شاء تركها ولا شيء عليه. انتهى.

ومن هذا يعلم الأخ السائل أن قيامه الليل غير داخل في الخلاف الجاري في الرواتب، ويعلم أيضا أن أكثر العلماء يرون استحباب الرواتب في السفر. قال النووي في المجموع: قال أصحابنا: يستحب النوافل في السفر سواء الرواتب مع الفرائض وغيرها، هذا مذهبنا ومذهب القاسم بن محمد وعروة بن الزبير وأبي بكر بن عبد الرحمن ومالك وجماهير العلماء.

قال الترمذي وبه قالت طائفة من الصحابة وإسحاق وأكثر أهل العلم وقالت طائفة: لا يصلي الرواتب في السفر وهو مذهب ابن عمر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني