الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ذكر الموت يحفز على الاجتهاد في الطاعات

السؤال

أنا امرأة دائمة التفكير في الموت وخائفة جدا بأن يفاجأني الموت وأنا أشعر بأني مقصرة في عبادة وطاعة الله سبحانه كما أني أتألم كثيرا عندما أرى من حولي يذنبون بأعمال لايراعون في ذلك غضب وعقاب رب العالمين. أفيدوني وجزاكم الله خيرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فلا شك أن تذكر الموت والاتعاظ به والاعتبار كل ذلك مطلوب شرعاً، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكثروا ذكر هاذم اللذات"، يعني: الموت. رواه النسائي، والترمذي، وابن ماجه وأحمد، وصححه الألباني.
قال الإمام القرطبي: (قال الدقاق: من أكثر من ذكر الموت أكرم بثلاثة أشياء: تعجيل التوبة، وقناعة القلب، ونشاط العبادة. ومن نسي الموت عوقب بثلاثة أشياء: تسويف التوبة، وترك الرضى بالكفاف، والتكاسل في العبادة.) التذكرة: الجزء الأول، ص 27.
وقال السدي في قوله تعالى: (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً) [الملك: 2]. أي: أكثركم للموت ذكراً، وله أحسن استعداداً، ومنه أشد خوفاً وحذراً. وقال القائل:
صاح شمر ولا تزل ذاكر الموت فنسيانه ضلال مبين
وعلى هذا فالمطلوب من المسلم أن يكون ذاكراً للموت، مجتهداً في العمل الصالح، مجتنباً للتسويف وتأخير التوبة، وأن يكون جامعاً بين الخوف والرجاء، يحذر العقاب، ويرجو الثواب، كما قال تعالى: (أمَّنْ هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماً يحذر للآخرة ويرجو رحمة ربه) [الزمر: 9]. حيث لا يجوز أن يكون الخوف من الموت سبباً في القنوط، أو اليأس من رحمة الله، كما لا يجوز أن يكون الطمع في رحمة الله والاتكال على ذلك سبباً في التكاسل والتهاون في الطاعات أو الوقوع في المنكرات. ولا شك أن التألم لرؤية الذنوب والمعاصي أمر طيب ومحمود، وهو نوع من إنكار المنكر، لكن ينبغي الإنكار على من نراه مخالفاً للصواب، ونصحه وتوجيهه ودعوته بالحكمة والموعظة الحسنة مع الرفق واللين.
ويكفي أن نذكر هنا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً" رواه مسلم.
ولذلك نقول للسائلة الكريمة لا تنزعجي لما أنت عليه، بل أنت على خير ـ إن شاء الله ـ زادك الله حرصاً على الخير والعمل الصالح، وأكثري من تلاوة القرآن الكريم، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر الله يطمئن القلب، ويشرح النفس، ويعصم المرء من الشيطان ووساوسه، قال تعالى: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) [الرعد: 28]. واحرصي على مرافقة النساء الصالحات، وأداء الصلوات في أوقاتها، مع التزود بالعلم النافع. وفقك الله لما يحبه ويرضاه. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني