الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يحق للوالد أن يأخذ مال ولده بحجة أنه أنفق عليه إلا إذا كان مضطراً

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم أنا إنسان لدي منجرة أخشاب وعملت بها ثلاث سنوات ودخلها ممتاز ولله الحمد ووالدي يأخذ الدخل ولا يعطني منه شيئا وقمت بالبحث عن وظيفة وحصلت عليها ودخلها2500 ريالا ووالدي يأخذه مني علمًا أن راتبه بعد التقاعد يصل إلى عشرة آلاف ريال وقد وصله مني عشرة آلاف وعندما طلبته في سيارة لي رفض ذلك وقال لن آتي بها لك وأنت تعمل في هذه الشركة علما بأنه يطالبني بدين وهي مصاريفي أثناء الدراسة وكذالك يطالب إخوتي بنفس الشيء الذي يطالبني به ويطالبهم بدين في السيارات التي أخذها لهم وهو ولله الحمد عنده الخير من العمارة التي في جدة وكذالك المنجرة وكذالك العمارة التي يشارك إخوته فيها؟ أفيدوني جزاكم الله كل خير هل له الحق في أخذ راتبي مني علما بأنني في أمس الحاجة إليه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن ما ينفقه الأب على ابنه في حال صغره وفقره، وما يصرفه عليه زمن دراسته لا ينبغي أن يعتبره دينا على الولد، ويحاسبه به بأخذه من راتبه، وذلك لأن وجوب نفقته عليه، ومقتضى مسؤليته عنه، واسترعائه إياه يجعل تعليمه حقاً واجباً عليه له. يضاف إلى ذلك أن رجوع الآباء على الأبناء بمثل هذا ليس مألوفاً، ولم تجر به عادة، وعليه فإنا نقول: لا يحق للوالد الغني أن يأخذ راتب ابنه المحتاج بحجة أنه تحمل عنه مصاريف الدراسة في فترة صغره وفقره، لأن تعليمه إياه إذ ذاك أمر مطلوب منه شرعاً. أما إذا كان الأب محتاجاً وكان الابن له مال، فإنه يجوز للأب أن يأخذ من مال ابنه ويتصرف فيه دون سرف، سواء أذن الولد أو لم يأذن، لما أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي وحسنه من قوله صلى الله عليه وسلم: "إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وولده من كسبه"، ولما أخرجه ابن ماجه أيضا من قوله عليه الصلاة والسلام: "أنت ومالك لأبيك"، واللام في لأبيك: لام الإباحة، لا لام التمليك. كما قال العلماء. بدليل أن مال الولد يتصرف فيه وعليه زكاته، ويورث عنه.
وخلاصة القول: إنه لا يحق لأبيك أن يأخذ راتبك، ما دمت محتاجاً إليه، لما في أخذه له من الإضرار بك، وقد ثبت مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا ضرر ولا ضرار" أخرجه الإمام أحمد والدارقطني. والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني