الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صلاة التطوع جماعة ومنفرداً من فعله صلى الله عليه وسلم

السؤال

هل يمكن صلاة النوافل في جماعة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فلا خلاف بين الفقهاء في مشروعية الجماعة في صلاة التراويح، أو الوتر في رمضان، وفي صلاة العيدين، والكسوف، والاستسقاء.
وتجوز الجماعة في صلاة التطوع عند جمهور الفقهاء.
ففي المدونة : عن مالك رحمه الله : ( لا بأس أن يصلي القوم جماعة النافلة في نهار أو ليل , قال : وكذلك الرجل يجمع الصلاة النافلة بأهل بيته وغيرهم لا بأس بذلك ) انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني : (يجوز التطوع جماعة وفرادى، لأن النبي فعل الأمرين كليهما، وكان أكثر تطوعه منفرداً، وصلى بحذيفة مرة، وبابن عباس مرة، وبأنس وأمه واليتيم مرة، وأمَّ أصحابه في بيت عتبان مرة، وأمهم في ليالي رمضان ثلاثاً، وكلها ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) انتهى.
وقال النووي في المجموع :
قد سبق أن النوافل لا تشرع الجماعة فيها إلا في العيدين والكسوفين والاستسقاء , وكذا التراويح والوتر بعدها إذا قلنا بالأصح : إن الجماعة فيها أفضل ,
وأما باقي النوافل كالسنن الراتبة مع الفرائض والضحى والنوافل المطلقة فلا تشرع فيها الجماعة , أي لا تستحب , لكن لو صلاها جماعة جاز , ولا يقال : إنه مكروه وقد نص الشافعي رحمه الله في مختصري البويطي والربيع على أنه لا بأس بالجماعة في النافلة ودليل جوازها جماعة أحاديث كثيرة في الصحيح منها حديث عتبان بن مالك رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه في بيته بعدما اشتد النهار ومعه أبو بكر رضي الله عنه فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أين تحب أن أصلي من بيتك ؟ فأشرت إلى المكان الذي أحب أن يصلي فيه فقام وصفنا خلفه ثم سلم وسلمنا حين سلم " رواه البخاري ومسلم. وثبتت الجماعة في النافلة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من رواية ابن عباس وأنس بن مالك وابن مسعود وحذيفة رضي الله عنهم، وأحاديثهم كلها في الصحيحين إلا حديث حذيفة ففي مسلم فقط، والله أعلم) .
وذهب ابن حزم إلى استحباب الجماعة في مطلق النوافل . نقله عنه في طرح التثريب.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوي 23 / 111
(وهذا النزاع الذى وقع فى القنوت له نظائر كثيرة فى الشريعة فكثيرا ما يفعل النبى صلى الله عليه وسلم لسبب فيجعله بعض الناس سنة ، ولا يميز بين السنة الدائمة والعارضة، وبعض الناس يرى أنه لم يكن يفعله فى أغلب الأوقات فيراه بدعة ويجعل فعله فى بعض الأوقات مخصوصا أو منسوخا إن كان قد بلغه ذلك ، مثل صلاة التطوع فى جماعة، فانه قد ثبت عنه فى الصحيح أنه صلى بالليل وخلفه ابن عباس مرة وحذيفة بن اليمان مرة وكذلك غيرهما ، وكذلك صلى بعتبان بن مالك فى بيته التطوع جماعة، وصلى بأنس بن مالك وأمه واليتيم فى داره .
فمن الناس من يجعل هذا فيما يحدث من صلاة الألفية ليلة نصف شعبان والرغائب ونحوهما مما يداومون فيه على الجماعات ، ومن الناس من يكره التطوع لأنه رأى أن الجماعة انما سنت فى الخمس كما أن الأذان إنما سن فى الخمس،
ومعلوم أن الصواب هو ما جاءت به السنة فلا يكره أن يتطوع فى جماعة كما فعل النبى ولا يجعل ذلك سنة راتبة كمن يقيم للمسجد إماما راتبا يصلي بالناس بين العشائين أو فى جوف الليل كما يصلي بهم الصلوات الخمس ،كما ليس له أن يجعل للعيدين وغيرهما أذانا كأذان الخمس ولهذا أنكر الصحابة على من فعل هذا من ولاة الأمور إذ ذاك). انتهى .
فإذا صلى الإنسان أحيانا قيام الليل، أو النفل المطلق جماعة، ولم يداوم على ذلك فحسن. أما بالنسبة للنوافل التابعة للصلوات، وما كانت مقيدة بسبب، كاستخارة وصلاة الوضوء وتحية المسجد ونحو ذلك، فالأولى أن تصلى فرادى. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني