الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم قول المسلم للكافر ((الأخ فلان))

السؤال

ما حكم أن نقول لغير المسلم \" الأخ \" بزعم أنها أخوة إنسانية أو وطنية وليس المقصود بها دينياً ؟
وما حكم تهنئة النصارى بأعيادهم على اعتبار أن المصلحة تقتضي ذلك بالقياس إلى اختيار أخف الضررين واختيار أفضل المصلحتين ؟
أرجو الإفادة العاجلة .......

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإطلاق كلمة أخ على الكافر فيها تفصيل، فإن كان القائل يريد أخوة الدين فإن ذلك لا يجوز، وإن كان يريد أخوة النسب ولو النسب البعيد فلا بأس بذلك.

قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا {الأعراف: 65} قال ابن عباس: أي ابن أبيهم وقيل أخاهم من القبيلة، وقيل أي بشرا من بني أبيهم آدم . وقال أيضا: وقيل له أخوهم لأنه منهم وكانت القبيلة تجمعهم كما تقول يا أخا تميم. وقيل إنما قيل له أخوهم لأنه من بني آدم كما أنهم من بني آدم، وقال أيضا في تفسير قوله تعالى: إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ {الشعراء: 106} أي ابن أبيهم وهي أخوة نسب لا أخوة دين وقيل هي أخوة المجانسة. اهـ.

ولكن ليحذر المسلم المستقيم العقيدة من كثرة إطلاق كملة أخ على الكفار والمشركين والملحدين لغير حاجة من تأليف لقلوبهم على الإسلام أو اتقاء لشرهم فإن كثرة إطلاق كلمة أخ عليهم قد تؤدي إلى ميل قلب المؤمن لهم ومودتهم وعدم بغضهم وإن مودة الكفار محرمة بل إنها تقدح في إيمان العبد. قال تعالى: لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {المجادلة 22}

وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 22048، 11768، 32852.

هذا، ولا يجوز تهنئة النصارى وسائر المشركين بأعيادهم التي هي من خصائص دينهم فضلا عن مشاركتهم في الاحتفال بها، ولا نرى الضرورة التي ذكرها السائل التي تلجئ المسلم لتهنئة الكفار بأعيادهم الكفرية وإقرارهم عليها، ولتعلم أيها الأخ الكريم أن تهنئة الكفار ببعض أعيادهم تعد تكذيبا لصريح القرآن ومما يدل على ذلك أن القرآن جاء فيه أن عيسى عليه السلام لم يصلب بل رفعه الله إليه، وأما النصارى فكما هو معلوم فإنهم يعتقدون أنه صلب ودفن وبقي في قبره ثلاثة أيام ثم قام، ويوم قيامه من قبره يعظمونه ويحتفلون به ويسمونه عيد القيامة المجيد، فكيف يطيب لمسلم موحد أن يهنئهم على مثل ذلك الكفر.

وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 8327 ، 4586، 26883، 41447

ولمزيد بيان حول الموضوع، ارجع إلى كتاب الولاء والبراء في الإسلام لمحمد سعيد القحطاني.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني