الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العامي لا يجوز له القول في القرآن بمجرد رأيه

السؤال

جزاكم الله خيراً وجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه- فى إحدى خطب الجمعة - بدأ الخطيب بنهي العامة (الذين لا علم لهم ولايقرأون المراجع) عن التطاول على القرآن. ولكنه أتبعه بكلام غريب - فقال إن أيا من العامة لو تكلم على القرآن وأصاب حقا فهو أيضا آثم - أي أنه آثم في كل الأحوال - فالمفتي العالم مثاب حتى لو أخطأ (وهذا معلوم) وغيره آثم حتى لو أصاب - هل هذا الكلام صحيح؟ أليس في هذا خلاف مع الدعوة لله - الموضوع يحتاج توضيحكم

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فكلام الخطيب صحيح حيث إنه لا يجوز للعامي أن يتكلم في كتاب الله تعالى برأيه المجرد دون استناد إلى مرجع أو أصل، قال الترمذي : باب ما جاء في الذي يفسر القرآن برأيه، وذكر فيه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. وأخرج من حديث جندب بن عبدالله رضي الله عنه قال: من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ . قال أبو عيسى: هكذا روي عن بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم أنهم شددوا في هذا في أن يفسر القرآن بغير علم .

قال في تحفة الأحوذي: من قال في القرآن برأيه أي بغير دليل يقيني أو ظني نقلي أو عقلي مطابق للشرعي قاله القاري ... (ومن قال) أي من تكلم (في القرآن) أي في معناه أو قراءته (برأيه) أي من تلقاء نفسه من غير تتبع أقوال الأئمة من أهل اللغة والعربية المطابقة للقواعد الشرعية بل بحسب ما يقتضيه عقله وهو مما يتوقف على النقل. وقوله (من قال في القرآن) أي في لفظه أو معناه (برأيه) أي بعقله المجرد (فأصاب) أي ولو صار مصيباً بحسب الاتفاق (فقد أخطأ) أي فهو مخطئ بحسب الحكم الشرعي.

قال ابن حجر: أي أخطأ طريقة الاستقامة بخوضه في كتاب الله تعالى بالتخمين والحدس لتعديه بهذا الخوض مع عدم استجماعه لشروطه فكان آثماً به مطلقا ولم يعتد بموافقته للصواب لأنها ليست عن قصد ولا تحر، بخلاف من كملت فيه آلات للتفسير فإنه مأجور بخوضه فيه وإن أخطأ لأنه لا تعدي منه فكان مأجورا أجرين كما في رواية، أو عشرة أجور كما في أخرى إن أصاب، وأجر إن أخطأ كالمجتهد لأنه بذل وسعه في طلب الحق واضطره الدليل إلى ما رآه فلم يكن منه تقصير بوجه .

فتبين من ذلك أن الجاهل لا يجوز له القول في القرآن بمجرد رأيه، ولكن إذا حكى قولا سمعه من أهل العلم أو وقف عليه في مرجع معتمد، أو تكلم فيما كان معلوما من الدين بالضرورة كأن يستدل لوجوب الصلاة بآية تدل على ذلك، أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحو ذلك مما يعلمه كل أحد، ومجرد الاستدلا ل دون الخوض في ذلك فلا بأس؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما -كما روى السيوطي في الدر- قال : تفسير القرآن على أربعة وجوه : تفسير يعلمه العلماء . وتفسير لا يعذر الناس بجهالته من حلال أو حرام . وتفسير تعرفه العرب بلغتها . وتفسير لا يعلمه إلا الله، فمن ادعى علمه فهو كاذب .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني