الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم استخراج الآثار القديمة والمتاجرة فيها

السؤال

لدي صديق عرض عليه التجارة في الآثار والقيام بتهريبها وبيعها وقد استشارني في هذا الموضوع وقال لي إنه لا يعلم ما هو حكم هذه العمليات خاصة أن كل أقاربه ومن يعرفهم في قريته وكثير من محافظات مصر الأخرى يقومون بهذه العمليات ويقومون بعمليات حفر وتنقيب تحت منازلهم التي يقطنون بها ويعتقدون أن ما يقومون باستخراجه ملك لهم وليس ملكا للدولة أو الأمة ويتعللون بأنهم إذا قاموا بإبلاغ الشرطة أو هيئة الآثار فسيقومون بمصادرة منازلهم ووضعها تحت تصرف الدولة، وقد بينت له مبدئيا حرمة هذه الأعمال حرمة مطلقة حتى لو مارسها كل أهل مصر وذلك لأن كل إنسان سوف يحاسب عن نفسه ولا حجة إطلاقا لتبرير ذلك استنادا إلى عدد من يقومون بهذه الأعمال، وقد أجبته بهذا الرأي بدافع الفطرة، ولكني قد أخبرته بأنني سوف أقوم بإحضار الرد الشافي من العلماء المتخصصين وأهل العلم الشرعي وذلك لأننا لا يجوز لنا التصدي للفتوى بغير علم ولحاجتنا إلى الدليل والنص الشرعي من الكتاب والسنة حتى يقتنع كل من يقوم بهذه الأعمال بالحكم الصحيح، لذلك أرجو من سيادتكم إفادتي بالرد الكافي الشافي المسهب؟ ولسيادتكم جزيل الشكر والعرفان وأدام الله عليكم الصحة والسعادة والعلم النافع والفوز بسعادة الدارين الدنيا والآخرة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد سبق أن أجبنا على نحو هذا السؤال في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 64795، 65866، 49714، 17118.

وحاصلها أنه لا حرج على المسلم في البحث والتنقيب عن أموال الكفار الذين كانوا قبل الإسلام أو أمتعتهم في أرض مملوكة له أو ليست مملوكة لأحد، ومن عثر على شيء من ذلك -مما يباح اقتناؤه وبيعه- فيجب عليه أن يخرج خمسه، ويصرفه في مصارف الزكاة، وما بقي بعد إخراج الخمس فهو ملك له يتصرف فيه بما أحب من البيع أو التجارة أو القنية، ولا عبرة بقانون يمنع من ذلك. والأصل في ذلك عموم قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: وفي الركاز الخمس. والشاهد من الحديث هو: أن الشارع أوجب على واجد الركاز -أموال الكفار الذين كانوا قبل الإسلام- أن يخرج خمسه ويستبقي أربعة أخماسه، وهذا يستلزم الإذن فيه، وما دام قد أذن فيه فلا حرج في استخراجه وتملكه.

ولكن ينبغي النظر والموازنة بين المخاطر والمفاسد المترتبة على مخالفة هذا القانون من مصادرة الأرض والبيت والتعرض للسجن والعقوبة وبين المصالح المترتبة على القيام باستخراج تلك الأموال والمتاجرة فيها وتهريبها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا ينبغي لمؤمن أن يذل نفسه، قالوا: وما إذلاله لنفسه؟ قال: يتعرض من البلاء لما لا يطيق. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه. وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: إن الله كره لكم ثلاثاً، فذكر منها: إضاعة المال. متفق عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني