الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخوف من النفاق والتوبة منه

السؤال

أنا عندما أقرأ الآيه 12 في سورة البقره أو أي سورة عن المنافقين أحس في داخلي أني منافق، وأن هذه الآيه تتكلم عني وأن الخزي سيصيبني في الدنيا والآخرةفهل أنا منافق؟ وهل للمنافق توبة ؟ وكيف التوبة من النفاق؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن عرض الرجل نفسه على القرآن وتخوفه من الاتصاف بصفات المنافقين مؤشر خير، وقد كان السلف يخافون على أنفسهم منه، فقد كان عمر رضي الله عنه يخاف النفاق على نفسه، ويسأل حذيفة صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول : هل عدني لك رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنافقين فيقولا لا .

وقد كان الحسن البصري يحلف بالله بالذي لا إله إلا هو ما مضى مؤمن قط ولا بقي إلا وهو يخاف من النفاق وما آمنه إلا منافق وما خافه إلا مؤمن . كذا في فتح الباري

وقال ابن أبي مليكة : أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه . رواه البخاري

وفي صحيح مسلم أن حنظلة وأبا بكر خافا النفاق على نفسيهما لما يلاحظان من الفتور في بعض الأحيان بعد معافسة الأولاد والضيعات ، وأما الحكم على الشخص بأنه منافق فعلاً فينبغي أن ينظر في نفسه، فإن كان اتصف بصفات النفاق فعلاً فعليه التوبة منها، وإن كان مجرد تخوف فلا أثر له، فإن النفاق نوعان: نفاق أكبر وهو النفاق العقدي الذي يكفر صاحبه، وهو من يظهر الإيمان ويبطن الكفر كما كان المنافقون قديماً يقولون آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون .

وإذالقوا الذين أمنوا قالوا آمنا وإذاخلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزؤون .

والنوع الثاني: النفاق الأصغر وهو النفاق العملي ولا يكفر صاحبه، ومن أمثلته الصفات الأربع المذكورة في حديث الصحيحين : أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خلصة منهن كانت فيه خلصة من النفاق حتى يدعها إذا أؤتمن خان ، وإذاحدث كذب ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر . وأما التوبة من النفاق فقد شرعها الله تعالى ورغب فيها وبين قبولها إن صدق صاحبها فيها وأقلع عن النفاق وأعماله، فقد قال تعالى : إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا {النساء: 145 ــ 146 }

وقال تعالى بعد ذكر بعض أخبار المنافقين من أهل المدينة ومن الأعراب : أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {التوبة : 104 }

وقال تعالى : قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ {الأنفال: 38 }

وأما كيفية التوبة منه فتتم بالرجوع عما كان عليه والندم عليه والعزم على عدم العود والاستغفار والإكثار من الأعمال الصالحة . وراجع الفتاوى التالية أرقامها مع إحالاتها : 14440 //10396 //5815 //49398 .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني