الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفسير (ذلك لمن خشي العنت..)

السؤال

أولاً: جزاكم الله خيرا على هذا الموقع الرائع وخاصة الاستشارات والفتاوى.
لقد ورد في كتاب الله العزيز قوله تعالى {ذلك لمن خشي العنت منكم} فأريد أن أسأل إن كان شاب في سن الزواج لا يستطيع الزواج الآن فكم من الوقت قد يمضي دون زواج قبل أن يصيبه العنت، لأن الأمر قد يطول والله أعلم فوحده بيده الرزق.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد قال العيني في عمدة القاري في معنى "العنت": هو الإثم والضرر بغلبة الشهوة. هكذا فسره الثعلبي. ويقال العنت الزنى، وهو في الأصل المشقة.

وقال الفتوحي في حسن الأسوة: العنت أي الوقوع في الإثم. وقيل الزنى، وأريد به هنا ما يجر إليه الزنى من العقاب الدنيوي والأخروي.

وقال مالك في الموطأ: العنت هو الزنى. وقال البيهقي: هو الفجور. قال القرطبي: ومن خشي على نفسه العنت والضرر بالوقوع في المعصية وجب عليه الزواج إذا كان يستطيعه ولا يكسر شهوته إلا به. انتهى بتصرف.

إذن معنى العنت في الآية هو الزنى والوقوع في المعصية بسبب غلبة الشهوة، ولا وقت محدد في الشرع لحصول ذلك، بل متى وجد المرء من نفسه غلبة شهوته وتوقان نفسه إلى النساء وخشي من الوقوع في الزنا وجب عليه الزواج إذا استطاع، فإن لم يستطع فعليه بالصوم؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء.

ولا ينبغي أن يكون الفقر عائقًا دون ذلك؛ لأن الله سبحانه وتعالى وعد طالبي العفاف بالغنى؛ كما في قوله: وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {النــور:32}. وعند النسائي والترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة حق الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف. وحسنه الألباني، وأخرجه عبد الرزاق، وذكر القرطبي في تفسيره أن عمر رضي الله عنه قال: عجبي ممن لا يطلب الغنى في النكاح وقد قال تعالى: إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ. وذكر ابن كثير في تفسيره أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم به من الغنى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني