الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من نكح امرأة نطقت بالشهادتين ولم تلتزم بالشرع

السؤال

-في بعض البلاد غير المسلمة يلزم نظام الطلاق الزوجين بالتوقيع على وثيقة الطلاق، فما هو الحكم إذا وقع الزوج على الوثيقة ولم توقع الزوجة هل تعتبر هذه طلقة واحدة أم أنه يعتبر طلاقا بائنا؟
- يقوم بعض المسلمين بالتعرف على غير المسلمات لغرض الزواج، ويذهبون لأي جمعية إسلامية وتسجل هي إسلامها ثم يعقدون الزواج، لكن بعد الزواج نكتشف أنها أسلمت من غير علم بتشريعات الدين كما أن بعضهن أصلا لا تلتزم بالصلاة والصيام وباقي أحكام الشرع . فهل تعتبر مثل تلك المرأة غير مسلمة ويعتبر عقد نكاحها فاسدا؟ وما الحل إذا كانت أنجبت من ذلك الزواج.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اشتمل سؤالك هذا على الأمور التالية:

· كون بعض البلاد غير المسلمة تلزم الزوجين بالتوقيع على وثيقة الطلاق.

· تعريف الطلاق البائن.

0 تعرُّف بعض المسلمين على غير المسلمات لغرض الزواج.

· إسلام من لم يلتزم بالصلاة والصيام وباقي أحكام الشرع.

· حكم نكاح من أسلمت ولم تلتزم بالصلاة والصيام وباقي أحكام الشرع، وما الحكم إذا حصل إنجاب في مثل تلك الأنكحة؟

فبالنسبة للنقطة الأولى فقد جعل الله الطلاق بيد الرجل لقوامته ولأنه أضبط لتصرفاته وانفعالاته من المرأة، ولا عبرة بما يوجد عند بعض البلاد غير المسلمة من قوانين تلزم الزوجين بالتوقيع على وثيقة الطلاق. فمن رغب في أن يطلق زوجته كفاه أن يتلفظ بالطلاق، سواء وقعت الزوجة على الوثيقة أو لم توقع، وهي طلقة واحدة إذا لم تكن مسبوقة بغيرها.

وأما الطلاق البائن فلك أن تراجع في تعريفه فتوانا رقم: 2550.

ولا بأس بتعرُّف بعض المسلمين على غير المسلمات لغرض الزواج إذا كن كتابيات عفيفات، وتقيد أولئك بالضوابط الشرعية. فقد أباح الشرع النظر إلى المرأة لمن أراد نكاحها، لما رواه أبو داود وأحمد عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل.

ولكن لا يجوز له أن ينظر إليها نظرة تلذذ وشهوة وريبة، وإنما ينظر إليها، ويتأمل محاسنها، لعزمه على نكاحها. ولا يجوز أن يختلي بها ولا أن يلمس شيئا من بدنها.

وإذا لم يلتزم المرء بالصلاة والصيام وباقي أحكام الشرع، وقد نطق بالشهادتين، مع تمكنه من العمل بشرائع الإسلام، فإنه لا يحكم بإسلامه، لتخلف شرط من شروط صحة إسلامه، وهو العمل الصالح. ولك أن تراجع في ذلك فتوانا رقم: 10280.

ولا يعتبر مرتدا لأنه لم يحكم بإسلامه أصلا، قال خليل: وأدب من تشهد, ولم يوقف على الدعائم.

ومن نكح امرأة قد نطقت بالشهادتين ولم تلتزم بأحكام الشرع، فإن كانت من عفيفات أهل الكتاب، فلا حرج في ذلك، لأن الله تعالى قد أحل للمسلم نكاح الكتابيات العفيفات، قال تعالى: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ... {المائدة: 5}.

وإذا لم تكن على دين أهل الكتاب، فلا يجوز الزواج منها ويعتبر العقد عليها باطلا، ويجب مفارقتها، ولكن الأولاد منها ينسبون إلى أبيهم إذا كان يجهل تحريم هذا الأمر.

وأما إن كان يعلم حرمة الزواج منها، وفَعَله منتهكا الحرمة، فإن ذلك يعتبر زنا والعياذ بالله، ولا يلحق الأولاد به، وإنما ينسبون إلى أمهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني