الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصائح للذكر المبتلى بالميل للذكر دون الأنثى

السؤال

فإني أشكركم جزيل الشكر حيال ردكم على سؤالي حيال اللواط ولكن لفت نظري القول بأن الإنسان خلق على فطرة حب الذكر للأنثى والعكس، حسنا إليك التفاصيل لعل الله يسهل علي وعليكم بالإجابة الواضحة: عمري 23 سنة, أنا منذ أصبحت في الخامسة من عمري كنت أقع في شهوة أصدقائي حتى أني مارست مع أحدهم ليس بشهوة الشباب ولكن بحب الأطفال لذلك وبقيت كذلك دون أن أمارس مع أحد آخر بعد ذلك, أنا كنت أكره نفسي وشكلي بالنسبة لغيري فأنا كنت أحب جمالا معينا لست عليه فعندما كنت انظر إلى فتى في عمري ويحمل تلك المواصفات كنت أعجب به وبقيت على هذه الحال إلى أن تأزمت الأمور عند سن البلوغ في 14 من العمر, مع أني آمنت بخلقة الله عز وجل عندما عييت ذلك, وأنا أصلي منذ العاشرة من عمري وأنا وأهلي ملتزمون ولا أقرأ أو أسمع إلا القرآن وأنا الآن مؤذن ذو صوت طيب في الأذان والتلاوة جعل الناس الذين لا يرتادون المسجد يرتادونه لأجل ذلك وصاحب نشاطات والعالم من حولي يحبونني حبا غريبا إلا أني لا أظهر أي من تلك العوارض أمامهم ولا أجرؤ, أولاً لأني لا أريد أن أسيء إلى الإسلام بأي سمعة عاطلة تصدر مني لأني أعتبر نفسي قدوة للشباب المسلم، ولكن المشكلة تزداد سوءاً معي لأن لا ألاقي إلا الشباب والفتيان الذين يثيرون شهوتي, حاولت أن أجد المسبب لعلتي فوجدت أنها معي منذ صغري وليست استثنائية وقلت إنها ربما تكون بالوراثة لأني علمت أن أحدا من أقاربي مثلي ولا أجد أني أميل إلى النساء أبدا, لست متزوجا ولكن لا أريد الزواج دون أن تشدني رغبتي بذلك كي أتفادى المشاكل في المستقبل وأني كلما حلمت في نومي أمارس مع امرأة لا أشعر بأي لذة وكلما حلمت أني أمارس مع فتى شعرت باللذة واستيقظت محتلما وشهوتي قوية فإني مجرد ما أنظر إلى أحدهم أبدأ بالارتجاف وأنشد إليه حتى ولو كان ذو 5 سنوات وإني دائما أدعو الله أن يخلصني وأتوب إليه, أقع في بعضهم أحيانا دون وعي وأعود وأتوب وأقول لنفسي لن أفعلها مرة أخرى، ولكن لا جدوى فإنها معي في حياتي اليومية وفي نومي, أمارس العادة السرية كي أتخلص من ذلك، ولكن لا فائدة فإني وإن لمحت أحدهم حتى في الإعلانات فإني أتهيج, ما هو تحليل ذلك, هل تكون فطرة وأنا كذلك منذ وعيي للدنيا، أم أن تلك العوامل أثرت في بنيتي الجنسية، أو أنها ابتلاء لسبب شذوذ أقرب المقربين لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن هتك عرض الإنسان حتى لو في جدار داره، ما هو الحل الجذري لذلك، الآيات تتكلم عن أن قوم لوط اخترعوا اللواط, أما أنا فعليه لست لأني جربته وأعجبت به بل أهواه من طفولتي، ما عساي أن أفعل وأنا أرى جمالهم الذي لا أستطيع مقاومته خاصة أن أهل بلادنا يتمتعون بالجمال، أعتذر على الإطالة عليكم، ولكن أهمية الموضوع والتخلص من ذلك مفيدة لكي أشعر مثل غيري من الشباب الطبيعيين وأعتذر إذا صدر أي كلام سيء مني؟ ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلقد فطر الله الإنسان على أن يميل الذكر للأنثى والأنثى للذكر، ومن خرج عن هذا الأصل كان خارجاً عن الفطرة، وقد دلت النصوص الصحيحة على ذلك، قال الله تعالى: فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا {الروم:30}، وقال صلى الله عليه وسلم: كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه. متفق عليه.

وفي الحديث القدسي: وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم.... رواه مسلم.

ومن تأمل هذه النصوص علم يقينا أن الله تعالى خلق الخلق أسوياء على الفطرة، وأن من تنكب عن هذه الفطرة فبما كسبت يداه، وبتفريط منه باتباعه خطوات الشيطان، أو بسبب ما يحيط به من مؤثرات وعوامل بيئية فاسدة مفسدة.

وعليه فما ذكرته في سؤالك من أنك منذ السنة الخامسة من عمرك كنت تقع في شهوة أصدقائك حتى مارست مع أحدهم، وتقول إنه ليس بشهوة الشباب، ولكن بحب الأطفال لذلك، وأنك بقيت كذلك دون أن تمارس مع أحد آخر بعد ذلك، إلى أن تأزمت الأمور عند بلوغك الرابعة عشرة من العمر... إلى آخر ما ذكرته، كلها أدلة واضحة على أنك عشت الفترة الأولى من صباك في بيئة هي التي أورثتك هذا الخلق.

واعلم أن مفسدة اللواط تلي مفسدة الكفر في القبح والفظاعة كما قال أهل العلم، وربما كانت أعظم من القتل، ولم يفعل هذه الفعلة قبل قوم لوط أحد من العالمين، قال الله تعالى: وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ {الأعراف:80}، وقال تعالى: أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ {الشعراء:165}.

وقد قال أحد خلفاء بني أمية: لولا أن الله قص علينا قصة قوم لوط ما ظننت أن ذكراً يعلو ذكراً.

فبادر إلى التوبة وجاهد نفسك للتغلب على هذا الخلق الذميم، والمعصية القبيحة، واسلك السبل الصحيحة اللازمة لتركه.

وعلاج ما أنت فيه يكون بأمور:

- أن تتوب إلى الله توبة صادقة، وتندم على تفريطك في حق الله، وتعزم على الإقلاع عن هذه المعصية، ومن تاب تاب الله عليه.

- أن تشغل وقتك بطاعة الله، وكثرة ذكره سبحانه وتعالى.

- أن تصاحب الصالحين وتتقرب منهم ومن مجالسهم، وتترك مخالطة أهل البطالة والسوء.

- أن تسد جميع المنافذ والأبواب الموصلة إلى تلك الفاحشة، ويكون ذلك بغض البصر عن المردان، فإن النظر إلى الشاب الأمرد بشهوة يحرم باتفاق أهل العلم.

- أن تتزوج، فالزواج وسيلة ناجحة لعلاج المشكلات الجنسية، إذا تهيأت الأسباب المعينة على ذلك، قال صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. متفق عليه.

ثم عليك بالدعاء والالتجاء إلى الله تعالى، والانكسار أمام الخالق، وتذكر القبر وعذابه ويوم الحساب، فإن من تذكر القبر ويوم الحساب، وتذكر الوقوف بين يدي الخالق الجبار رادعاً لك عن المعصية، وراجع للمزيد من الفائدة فتوانا رقم: 7413.

والله نسأل أن يثبت فؤادك ويصرف عنك السوء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني