الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل للمرأة أن تؤذن وتقيم لنفسها؟

السؤال

هل يجب على المرء أن يقيم لكل فرض يؤديه مفردًا؟ وهل هذا ينطبق على النساء؟ أفيدونا -أفادكم الله-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد اختلف أهل العلم في حكم الأذان والإقامة في حق كل من المنفرد، ومن يصلي الفائتة، وفي حق الفائتة، وفي حق النساء، والراجح ـ والله أعلم ـ الاستحباب في حق هؤلاء جميعًا؛ لعموم فضل الأذان، ولأنه ذكر لله، ولما رواه أبو يعلى، ابن أبي شيبة، وابن المنذر عن أبي عثمان، قال: مرّ بنا أنس بن مالك في مسجد بني ثعلبة، فقال: أصليتم؟ قال: قلنا: نعم، وذاك صلاة الصبح. فأمر رجلًا، فأذّن وأقام، ثم صلى بأصحابه. وروى عبد الرزاق والبيهقي عن أبي عثمان قال: رأيت أنس بن مالك قد دخل مسجدًا قد صلي فيه، فأذّن، وأقام. وروى ابن أبي شيبة عن قتادة أنه قال: لا يأتيك من شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله إلا خيرًا.

قال ابن المنذر: يؤذن ويقيم أحب إليّ، وإن اقتصر على أذان أهل المسجد، فصلى، فلا إعادة عليه، ولا أحب أن يفوته فضل الأذان. انتهى.

وقد روى مالك، وغيره عن أبي سعيد الخدري أنه قال لأبي صعصعة: إني أراك تحب الغنم، والبادية، فإذا كنت في غنمك، أو باديتك، فأذنت بالصلاة، فارفع صوتك، فإنه لا يسمع مدى صوتك جن، ولا إنس، ولا شيء إلا يشهد لك يوم القيامة، قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

لكن الأولى لمن صلى منفردًا في المسجد أن لا يجهر بالأذان، قال ابن قدامة: وإن أذن، فالمستحب أن يخفي ذلك، ولا يجهر به ليغر الناس بالأذان في غير محله.

وإن صلى وهو في بادية، كالراعي، ونحوه، أو وهو مسافر، فإنه يستحب له الأذان والإقامة عند عامة أهل العلم، قال ابن قدامة: ويشرع الأذان في السفر للراعي، وأشباهه، في قول أكثر أهل العلم. انتهى. قال ابن المنذر: أحب إليّ أن يؤذن ويقيم إذا صلى وحده، ويجزئه إن أقام وإن لم يؤذن، ولو صلى بغير أذان ولا إقامة، لم تجب عليه الإعادة، وإنما أحببت الأذان والإقامة للمصلي وحده؛ لحديث أبي سعيد الخدري.. لفضيلة الأذان؛ لئلا يظن ظان أن الأذان لاجتماع الناس لا غير، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم مالك بن الحويرث وابن عمه بالأذان، ولا جماعة معهما لأذانهما وإقامتهما. انتهى. وقال ابن عبد البر: وقد أجمعوا على أنه جائز للمسافر الأذان، وأنه محمود عليه مأجور فيه. انتهى.

وأما الأذان والإقامة للنساء، فلا يجب عليهن أذان، ولا إقامة، عند عامة أهل العلم، بمن فيهم الأئمة الأربعة، بل قال ابن قدامة: لا أعلم فيه خلافًا.

وهل يسن لهن ذلك؟

قال أحمد بن حنبل: إن فعلن، فلا بأس، وإن لم يفعلن، فجائز.

وقال الشافعية: إن الإقامة في حق النساء مندوبة، لا الأذان، على المشهور.

والأولى لهن أن يؤذنّ، ويقمن بدون رفع صوت، فقد روى ابن المنذر، وابن أبي شيبة: أن عائشة كانت تؤذن وتقيم. ورويا أيضًا أن ابن عمر سئل: هل على النساء أذان؟ فغضب، وقال: أنا أنهى عن ذكر الله؟! قال ابن المنذر: الأذان ذكر من ذكر الله، فلا بأس أن تؤذن المرأة وتقيم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني