الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شروط قبول الحديث عند الشيخين

السؤال

ما هي شروط قبول الحديث عند البخاري ومسلم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد قال السخاوي في فتح المغيث:

اعلم أنه لم يصرح أحد من الشيخين بشرط في كتابه ولا في غيره كما جزم به غير واحد منهم النووي، وإنما عرف بالسبر كتابيهما، ولذا اختلف الأئمة في ذلك، فقال أبو الفضل بن طاهر الحافظ في جزء سمعناه أفرده لشروط الستة: شرطهما أن يخرجا الحديث المتفق على ثقة نقلته إلى الصحابي المشهور من غير اختلاف بين الثقات الأثبات، ويكون إسناده متصلا غير مقطوع، وإن كان للصحابي روايان فصاعدا فحسن، وإن لم يكن له إلا راو واحد وصح الطريق إليه كفى، وما ادعاه من الاتفاق على ثقة نقلتهما قد لا يخدش فيه وجود حكاية التضعيف في بعضهم ممن قبلهما لتجويز أنهما لم يرياه قادحا فنزلا كلام الجمهور، والمعتمد عندهما منزلة الإجماع، وكذا قوله: من غير اختلاف بين الثقات ليس على إطلاقه، فإنه ليس كل خلاف مؤثر، وإنما المؤثر مخالفة الثقة لمن هو أحفظ منه أو أكثر عددا من الثقات ...

وقال الحافظ أبو بكر الحازمي في جزء شروط الخمسة مما سمعناه أيضا ما حاصله: أن شرط الصحيح أن يكون إسناده متصلا، وأن يكون راويه مسلما صادقا غير مدلس ولا مختلط متصفا بصفات العدالة ضابطا متحفظا سليم الذهن قليل الوهم سليم الاعتقاد.

وإن شرط البخاري أن يخرج ما اتصل إسناده بالثقات المتقنين الملازمين لمن أخذوا عنه ملازمة طويلة سفرا وحضرا، وإنه قد يخرج أحيانا ما يعتمده عن أعيان الطبقة التي تلي هذه في الإتقان والملازمة لمن رووا عنه فلم يلزموه إلا ملازمة يسيرة

وأما مسلم فيخرج أحاديث الطبقتين على سبيل الاستيعاب، وقد يخرج حديث من لم يسلم من غوائل الجرح إذا كان طويل الملازمة لمن أخذ عنه؛ كحماد بن سلمة في ثابت البناني فإنه لكثرة ملازمته له وطول صحبته إياه صارت صحيفة ثابت على ذكره وحفظه بعد الاختلاط كما كانت قبله، وعمل مسلم في هذه كعمل البخاري في الثانية.

قلت: ولا يمنع من هذا اكتفاء مسلم في السند المعنعن بالمعاصرة والبخاري باللقاء ولو مرة لمزيد تحريهما في صحيحهما.

وقال ابن الجوزي: اشترط البخاري ومسلم الثقة والاشتهار. قال: وقد تركا أشياء تركها قريب وأشياء لا وجه لتركها، فمما تركه البخاري الراوية عن حماد بن سلمة مع علمه بثقته لأنه قيل إنه كان له ربيب يدخل في حديثه ما ليس منه، وترك الراوية عن سهيل بن أبي صالح لأنه قد تكلم في سماعه من أبيه وقيل صحيفة، واعتمد عليه مسلم لما وجده تارة يحدث عن أبيه وتارة عن عبد الله بن دينار عن أبيه ومرة عن الأعمش عن أبيه، فلو كان سماعه صحيفة كان يروي الكل عن أبيه. انتهى كلام السخاوي.

وقد ذكر ابن الصلاح رحمه الله: أنه شرط مسلم في صحيحه أن يكون الحديث متصل الإسناد بنقل الثقة عن الثقة من أوله إلى منتهاه سالما من الشذوذ ومن العلة، وهذا هو حد الحديث الصحيح في نفس الأمر، فكل حديث اجتمعت فيه هذه الأوصاف فلا خلاف بين أهل الحديث في صحته.اهـ

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني