الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوضوء بالماء الساخن بين الإباحة والكراهة والحرمة

السؤال

هل يمكن الوضوء بالماء الساخن، وهل هناك درجة حرارة لا يجب تعديها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالماء المسخن يكره الوضوء به بشرط أن تشتد حرارته بحيث يترتب على ذلك عدم إسباغ الوضوء وعدم إتقانه، قال ابن قدامة في المغني وهو حنبلي: ولا يكره الوضوء بالماء المسخن بطاهرٍ، إلا أن يكون حاراً يمنع إسباغ الوضوء لحرارته. انتهى.

وفي أسنى المطالب ممزوجاً بروض الطالب على الفقه الشافعي: (ويكره) تنزيها (شديد حرارة و) شديد (برودة) لمنع كل منها الإسباغ. نعم إن فقد غيره وضاق الوقت وجب استعماله أو خاف منه ضرراً حرم، وهو واضح. انتهى.

وقال الحطاب في مواهب الجليل وهو مالكي: وكره الوضوء بالماء المسخن بالشمس من جهة الطب وهو قول الشافعي خلافاً لأبي حنيفة. انتهى.

وعليه، فالوضوء بالماء المسخن مكروه بشرط أن يتعذر معه إسباغ الوضوء به لحرارته، ويحرم إذا ترتب على استعماله ضرر، هذا في حال كون الماء مسخنا بطاهر، أما إذا كان مسخنا بنجاسة فقد فصل القول في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: وأما المسخن بالنجاسة فليس ينجس باتفاق الأئمة إذا لم يحصل له ما ينجسه، وأما كراهته ففيها نزاع، لا كراهة فيه في مذهب الشافعي، وأبي حنيفة، ومالك، وأحمد في إحدى الروايتين عنهما، وكرهه مالك، وأحمد في الرواية الأخرى عنهما، وهذه الكراهة لها مأخذان، أحدهما: احتمال وصول أجزاء النجاسة إلى الماء فيبقى مشكوكاً في طهارته شكا مستنداً إلى أمارة ظاهرة، فعلى هذا المأخذ متى كان بين الوقود والماء حاجز حصين كمياه الحمامات لم يكره، لأنه قد تيقن أن الماء لم تصل إليه النجاسة، وهذه طريقة طائفة من أصحاب أحمد: كالشريف أبي جعفر، وابن عقيل، وغيرهما.

والثاني: أن سبب الكراهة كونه سخن بإيقاد النجاسة، واستعمال النجاسة مكروه عندهم، والحاصل بالمكروه مكروه، وهذه طريقة القاضي وغيره. فعلى هذا إنما الكراهة إذا كان التسخين حصل بالنجاسة، فأما إذا كان غالب الوقود طاهراً، أو شك فيه لم تكن هذه المسألة. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني