الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رتبة حديث "..إن أبي أخذ مالي.."

السؤال

أريد المخرج والسند وصحة هذا الحديث هل هو صحيح أم لا؟
جاء إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ذات يوم أب كبير السن يشكو إليه عقوق ولده فقال: يا رسول الله كان ضعيفا وكنت قويا, وكان فقيرا وكنت غنيا, وقدمت له كل ما يقدم الأب الحاني للابن المحتاج. ولما أصبحت ضعيفا وهو قوي, وكان غنيا وأنا محتاج, بخل علي بماله, وقصر عني بمعروفه، ثم التفت الى ابنه منشدا:
غذوتك مولودا وعلتك يافعا *** تعل بما أدني إليك وتنهل
إذا ليلة نابتك بالشكو لم أبت *** لشكواك إلا ساهرا أتململ
كأني أنا المطروق دونك بالذي *** طرقت به دوني وعيني تمهل
فلما بلغت السن والغاية التي *** إليها مدى ما كنت منك أؤمل
جعلت جزائي منك جبها وغلظة *** كأنك أنت المنعم المتفضل
فليتك إذ لم ترع حق أبوتي *** فعلت كما الجار المجاور يفعل
فأوليتني حق الجوار ولم تكن *** علي بمال دون مالك تبخل
فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : (ما من حجر ولا مدر يسمع هذا إلا بكى) ثم قال للولد: (أنت ومالك لأبيك).
الرجاء الرد بأسرع وقت ممكن؛ لأن أكثر المنتديات يضعون هذا الموضوع .. ولم أجد شيئا يثبت لهذا الحديث.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فسند الحديث الذي تسأل عنه ولفظه هو: عن أبي سلمة عبيد بن خلصة قال: أخبرنا عبد الله بن نافع المدني عن المنكدر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال:

جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إن أبي أخذ مالي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل: اذهب فأتني بأبيك. فنزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله يقرئك السلام ويقول: إذا جاءك الشيخ فسله عن شيء قاله في نفسه ما سمعته أذناه. فلما جاء الشيخ قال له النبي صلى الله عليه وسلم: مازال ابنك يشكوك أنك تأخذ ماله؟ قال: سله يا رسول الله هل أنفقه إلا على إحدى عماته أو خالاته أو على نفسي؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إيه دعنا من هذا، أخبرني عن شيء قلته في نفسك ما سمعته أذناك، قال الشيخ: والله يا رسول الله ما يزال الله يزيدنا بك يقينا، قلتُ في نفسي شيئًا ما سمعته أذناي. قال: قل وأنا أسمع. قال: قلتُ:

غذوتك مولودا ومنتك يافعا * تعل بما أجني عليك وتنهل

إذا ليلة ضافتك بالسقم لم أبت * لسقمك إلا ساهرا أتململ

تخاف الردى نفسي عليك وإنها * لتعلم أن الموت وقت مؤجل

كأني أنا المطروق دونك بالذي * طرقت به دوني فعيناي تهمل

فلما بلغت السن والغاية التي * إليها مدى ما فيك كنت أؤمل

جعلت جزائي غلظة وفظاظة * كأنك أنت المنعم المتفضل

فليتك إذ لم ترع حق أبوتي * فعلت كما الجار المجاور يفعل

قال: فعند ذلك أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بتلابيب ابنه وقال: (أنت ومالك لأبيك). رواه الطبراني في معجمه الصغير والأوسط، وابن أبي الدنيا في جزء العيال. وقال الألباني: أخرجه أبو الشيخ في "عوالي حديثه". والطبراني في "المعجم الصغير"، والمعافى بن زكريا في "جزء من حديثه".

والحديث بهذا السياق ضعيف، ونسوق لك كلام بعض علماء الحديث فيه:

فقد قال عنه الطبراني: لم يرو هذا الحديث بهذا اللفظ والشعر عن المنكدر بن محمد بن المنكدر إلا عبد الله بن نافع تفرد به عبيد بن خلصة.

وقال السخاوي في المقاصد الحسنة: والمنكدر ضعفوه من قبل حفظه وهو في الأصل صدوق لكن في السند إليه من لا يعرف.

وقال الألباني عن عبيد بن خلصة: ولم أجد من ترجمه، والمنكدر بن محمد بن المنكدر لين الحديث كما في "التقريب".

فالحديث إذن بهذا التمام وهذا الشعر ضعيف لا يثبت. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: أنت ومالك لأبيك. فهو حديث صحيح بمجموع طرقه، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 1569.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني