الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ليس من الاستثمار المشروع البتة

السؤال

أملك دفتر توفير في البنك اليمني للإنشاء والتعمير منذ 1986م وكانت الفائدة غير ثابتة فأحيانا كانت 6 % وأحيانا 8 % وأحيانا 10 % وهكذا صعودا وهبوطا واستمر الوضع هكذا حتى عام 2002م فأودعت جزءا كبيرا من هذا المبلغ وديعة لمدة عام بنسبة ربح محددة ولمدة عامين حتى بداية عام 2005م ثم نقلت فلوسي إلى البنك الإسلامي بنظام تعامله الحالي وأسئلتي هي .
أولا: هل أنا ملزم بإخراج الفوائد التي حصلت عليها رغم أنني أودعتها بغرض الاستثمار في البنك الذي اسمه البنك اليمني للاستثمار أو للإنشاء والتعمير ومن واقع فتاوي بعض العلماء أو الفقهاء من إن البنك هو عبارة عن مستثمر بالوكالة عني لعدم قدرتي على استثمار فلوسي أو المتاجرة بها بنفسي وتوكيل البنك بذلك .
ثانيا: إن قيمة الريال في هبوط مستمر منذ ذلك التاريخ حتى يومنا هذا فمثلا كانت قيمة الألف دولار أمريكي في ذلك التاريخ تساوي أربعة آلاف وخمسمائة ريال واليوم الألف دولار تساوي مئة وخمسة وتسعين ألف ريال أي زادت بنسبة 250% تقريبا بمعنى أن الفوائد التي حصلت عليها هي عبارة عن فارق قيمة الريال الشرائية إن لم تكن أقل علما أنني كنت أقوم في كثير من الأحيان بصرف الدولار إلى ريال وأودعه في الدفتر الخاص بي بالريال.
ثالثا: لم تكن هناك بنوك إسلامية في اليمن إلا من قبل خمس أو ست سنوات فقط
رابعا: هل رأي بعض العلماء في اعتبار هذه البنوك بنوكا ربوية من واقع ما تقوم به هذه البنوك من إقراض بفائدة وإذا اعتبرنا الأمر كذلك فكما تعلمون أن الفلوس المودعة لدى البنك مرجع المودعين لا يتم إقراضها بالكامل بل يتم تشغيل جزء منها في بناء مساكن وأعمال تجارية أخرى وفي هذه الحالة الجزء من المال المودع والخاص يمثل هذه المشاريع لا يعتبر حراما وبالتالي أرباحه جائزة أم لا . وهل والحالة هذه أنا ملزم بإخراج نسبة هذه الفوائد أم لا.
خامسا: من خلال ما ذكرته أعلاه أرجو العلم أنني عندما حسبت الفوائد التي حصلت عليها خلال هذه الفترة تشكل نسبه ثلث المبلغ المودع وإخراجي لها من واقع ما ذكرته سيشكل لي خسارة كبيرة من حيث قيمة الفلوس الشرائية الحالية مقارنه بنسبه الدولار الحالي وبالتالي سيعود بالضرر علي في الوقت الذي يقول القرآن الكريم بما مفهومه في سورة البقرة (لا تظلمون ولا تظلمون)
سادسا: أليس بإدخالي حاليا الفلوس في البنك الإسلامي قد خرجت من دائرة الشبهات والله يعفو ويغفر ما قد سلف. وجزاكم الله خيرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلم أيها الأخ الكريم أن دفتر التوفير في البنك الربوي حقيقته أنه قرض بفائدة، ولا مجال للقول أنه استثمار مشروع، ولا عبرة بالأسماء والعناوين إذا كانت الحقائق على خلافها، فصاحب الدفتر يدفع مبلغا من المال إلى البنك على أن يكون البنك ضامنا لهذا المبلغ خسر البنك أو ربح، وعلى أن يدفع لصاحبه فائدة مقدرة بالنسبة إلى رأس المال قد تختلف من سنة إلى أخرى، ولا ريب أن هذا ليس استثمارا مشروعا بل قرض ربوي لا مرية فيه، وما كان كذلك فليس لصاحب الدفتر إلا رأس ماله، ودليل ذلك الآية الكريمة التي أشار إليها السائل في سؤاله وهي قوله تعالى: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ {البقرة: 279} قال الإمام الجصاص في أحكام القرآن: لا تَظلمون بأخذ الزيادة، ولا تُظلمون بالنقصان من رأس المال. اهـ

فالمقصود أنه ليس لك إلا رأس مالك الذي وضعته في البنك أولا، وكل الفوائد التي نتجت عنه لا تحل لك ومصرفها مصالح المسلمين العامة.

واعلم أنك إذا تخلصت من الفوائد الربوية لا تتضرر بفقد مالك؛ لأن هذه الفوائد ليست ملكا لك ولاهي من مالك، وإنما يحصل الضرر بفقد رأس مالك وقد أبقاه الشرع لك ولم يأمرك بالتخلص منه.

وأما قولك: إن قيامك بوضع مالك في البنك الإسلامي يخرجك من دائرة الشبهات فنعم ولكن هذا فيما يستقبل، أما ما مضى، فأنت مطالب بالتوبة منه ولا تتم التوبة إلا بالتخلص من الفائدة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني