الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الآثار المدمرة المترتبة على تحريض الأب ابنته على النشوز

السؤال

أخواني الأفـــــاضل
أنا موظف مقتدر أعمل سابقاً في مدينة الرياض، تزوجت من فتاة على سنة الله ورسوله، مضى على زواجي أكثر من ثلاث سنوات، ولدي منها ولد .
بعد مضي حوالي سنة ونصف من زواجي تم نقل عملي من الرياض إلى الدمام، مقابل مضاعفة راتبي مرتين، وقبلت بذلك بحكم تعديل راتبي وتأمين السكن والسيارة من قبل الشركة.
ذهبت أنا وزوجتي وطفلي إلى مدينة الدمام، وسكنّا فيها لمدة شهر أو أكثر قليلاً، ثم بعد ذلك الشهر ذهبنا للرياض وزرنا أهل زوجتي، وطلبت الزوجة المكوث مع أهلها لمدة أسبوع أو ما يقاربه كزيارة فقط وللاستئناس بهم.
وبعد ذلك رجعت معي للدمام، وبعد مضي أسبوع جاء والدها وأهله ومكثوا عندي أسبوعا كزيارة في بيتي بالدمام وكضيوف.
وفي يوم من الأيام لدى استضافتي لهم رجعت من العمل للمنزل لأجده خالياً من كل أحد، وبعد اتصالي اتضح أن عمي والد زوجتي أخذ الجميع ومنهم زوجتي وطفلي واتجه للرياض من غير إذن مسبق مني.
وطلبت منهم العودة فوراً فوافق ورجعوا لمدة ليلة واحدة، وتم الاعتذار لي من قبل زوجتي فقط، ومكثوا تلك الليلة، وفي اليوم الثاني جاءتني زوجتي تبكي وتقول إن والدها خيّرها بيني أنا زوجها وبين أفراد أسرتها أمها ووالدها نفسه وأخواتها.
بحيث أنها تبقى معي بالدمام وتقطع علاقتها بأهلها، أو تذهب معهم لتسكن بالرياض وتترك السكن بالدمام معي، مع أنه لا ينقصني شيء، ومتحمل كل ما يتحمل الرجال من مسؤولية، ولي مستواي الديني والأخلاقي والدنيوي والحمد لله.
وبعد نقاش حاد قررت الزوجة الذهاب مع والدها رغم رفضي لهذا الشيء، والآن مرت سنتان وهي في بيت والدها ولم أدخل بها قط وولدي معها، وأتحمل نفقتها وأزورهم كل أسبوعين وأعطيهم نفقتهم نقدا،ً ونطلع سوياً لقضاء حوائجهم وتناول بعض الوجبات اليومية، مراعاة لشعور ابني وخوفا عليه من فقدان أحدنا وهو في هذه المرحلة من العمر ( عمره 3 أعوام تقريبا).
وفي الفترة الأخيرة رفع والدها قضية ضدي بالرياض في المحكمة، يريد مني طلاق ابنته (زوجتي) ، وعند الحضور سألها القاضي عن رغبتها فأجابت بكونها تريد الطلاق، ولكن عند طلبي بإخراج والدها ومساءلتها وهو غير حاضر الجلسة، أجابت بأن ذلك بناءً على رغبة والدها فقط، وليست رغبتها، فهدده القاضي بالسجن إن تكرر ذلك من والدها لكون الزوجة مغلوبا على أمرها، ولا زالت تحبني وتريدني ولكن والدها هو من تدخل بذلك لأسباب نجهلها.
ولا زال الحال على ماهو عليه، فقررت الزوجة الاستقلال بغرفة خاصة بها في بيت والدها، وطلبت مني زيارتها في أي وقت أشاء، وإعادة علاقتنا الزوجية والمعاشرة وهي في بيت والدها.
ولكن لدي موانع كثيرة منها:
1- أن لديها أخوات شابات بالبيت وفي سن الزواج، وهنّ اثنتان مطلقتان وأخرى، فقد يتهمني أبوها بشيء لم نحسب له حساباً بدخولي في بيته.
2- أن الزوجة هي من نشزت عني وذهبت مع والدها وبقيت هناك، وتعلم عدم قبولي بذلك، وتسامحي لأجل طفلي فقط.
3- لازلت أنفق عليها وطفلي وهم في بيت والدها ومن غير تقصير.
4- لا أرغب في حملها مرة أخرى، ونحن لازلنا في مشكلة لا حل لها .
5- تزوجت من أخرى وذلك بسبب غياب زوجتي الأولى في بيت والدها.
والسؤال هنا إخواني:
أولا: ماحكم النفقة عليها وطفلي في هذا الحال؟
ثانياً: هل هناك حكم شرعي يحفظ لي حقي من والد زوجتي وتصرفه المشين في حقي مع أني دفعت مقدم مهرها ولديها مؤخراً بمبلغ بسيط 15000 ريال سعودي ولا أدري هل تستحقه فيما لو حصل انفصال بطلاق؟ ومن الأضرار التي لحقت بي من تصرفه هو سحب السيارة والسكن من تملكي لها بكوني لم أعد مسؤولاً عن أسرة وعائلة لما علم مسؤول الشركة أني أصبحت أعزب من جديد في ذلك الوقت وقبل أن أتزوج الثانية. وأريد تعويضاً عن ذلك. وأساء لسمعتي فالكل أصبح ينظر لي بالنقص وأني لست كفؤاً لمسؤولية وكأني السبب .
ثالثاً: ما هو الحل مع طفلي فلذة كبدي كيف أستطيع أخذه وتربيته والقيام على شؤونه وما هو حق أمه في ذلك ؟
رابعاً: الحل مع زوجتي نفسها وكيف أتعامل مع موقفي من طلبها بحيث أني لا أوافق إلا على عودتها لي وفي بيتي كرجل متحمل لمسؤوليتي .
خامساً: الملاحظة الأهم في الموضوع كلها هو أن هذه المشاكل بسبب عمي وتسلطه على ابنته ولا زالت متعلقة بي وعلاقتها بي عادية واتصالها يومياً تشكي من تصرفات والدها مما زادني حيرة في أمري.
وقد أطلت في الموضوع للتوضيح الكامل للقضية للحصول على استشارتكم بما يضمن لي حلا مجديا وقاطعا بإذن الله وأتمنى من الله ثم منكم الاجتهاد في الرد واحتساب الأجر في ذلك.
أخوكم المحتار

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد تضمنت رسالة الأخ عددا من النقاط، عرض فيها مشكلته، وسأل عن بعض الأمور، وسنتكلم عن هذه الأمور بالترتيب التالي، ونرجو أن يكون فيه جواب لما سأل عنه:

أولا: حكم ذهاب الزوجة من بيت زوجها بغير إذنه طاعة لوالدها:

والجواب: أنه لا يجوز للزوجة الخروج من بيت زوجها بغير إذنه، إلا لعذر شرعي، وما فعلته الزوجة يعتبر نشوزاً تأثم به، وهو موجب لإسقاط نفقتها، إلى أن تعود إلى بيت زوجها وطاعته، وعليها أن تعلم أن الله أمرها بطاعة أبيها، ولكن في غير معصية الله، ومن المعصية أن تهجر بيت زوجها بدون سبب شرعي، فإن لزوجها عليها من الحقوق ما ليس لأحد.

ثانيا: هل للزوجة نفقة وقد خرجت من بيت الزوج بغير إذنه؟ وما حكم النفقة على الولد؟

الجواب: ليس للزوجة نفقة في حال النشوز، قال العلامة السرخسي الحنفي في المبسوط: وإذا تغيبت المرأة عن زوجها أو أبت أن تتحول معه إلى منزله أو إلى حيث يريد من البلدان وقد أوفاها مهرها - يعني المعجل - فلا نفقة لها لأنها ناشزة. اهـ وأما الولد فتجب نفقته على والده بالمعروف إذا لم يكن له مال.

ثالثا: هل للزوجة حق في مؤخر الصداق إن حصل الطلاق؟

الجواب: مؤخر الصداق دين في ذمة الزوج عليه أداؤه بحلول أجله، أو بوقوع الطلاق، ولو كانت المرأة ناشزا، وتراجع الفتوى رقم: 52373.

رابعا: ماذا عن حضانة الولد لو حصل الطلاق؟

الجواب: حضانة الولد للأم إذا توفرت فيها شروط الحضانة ولو كانت ناشزا، فلا أثر للنشوز على الحضانة، وشروط الحضانة سبق بيانها في الفتوى رقم: 9779

خامسا: هل على الزوج أن يجيب الزوجة لطلبها إعادة العلاقة الزوجية والمعاشرة في بيت أبيها؟

الجواب : على الزوجة طاعة زوجها في الانتقال إلى بيت الزوجية، وإلا لم تكن ممكنة له، إذ التمكين الذي يوجب لها حقوقا من النفقة والوطء يشتمل على أمرين: أحدهما: تمكينه من الاستمتاع بها، والثاني: تمكينه من النقلة معه حيث شاء في البلد الذي تزوجها فيه، وإلى غيره من البلاد إذا كانت السبيل مأمونة. قاله الماوردي الشافعي, وتراجع الفتوى رقم: 36384، ولا يجب عليه أن يعاشرها ما لم تمكنه من الانتقال بها حيث يريد.

سادسا: هل للزوج حق مطالبة والد الزوجة فيما سببه له من ضرر مادي ومعنوي؟

الجواب: ما ترتب على تصرف والد الزوجة من ضرر مادي أو معنوي في حق الزوج، للزوج مقاضاته عليه، وطلب حقه منه، ونرشده إلى العفو والصفح لا سيما إذا صلح حاله مع زوجته ورجعت إليه.

وأخيرا حكم هذا الوالد المتسلط على ابنته العاضل لها عن زوجها؟

الجواب: ما يفعله والد الزوجة منكر عظيم وهو العضل الذي ورد النهي عنه ومن التخبيب هو من أشد المعاصي، وانظر الفتوى رقم: 64320،32225، كما أن فيه ظلما لابنته، فعليه المبادرة بالتوبة من هذه المعاصي قبل أن يوافيه الأجل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني