الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صلاة سائق الأجرة الذي يقطع يوميا مسافة قصر

السؤال

أنا سائق أجرة يقدر علي أن أسير مسافة 300 كلم ذهاباً وإياباً، وأحياناً أخرج من المدينة قبل أذان الظهر بنصف ساعة، فهل أعد من المسافرين، فإن كنت كذلك فما هو الأفضل القصر وحده أو الجمع وحده أم الاثنان معاً، علماً بأني أحياناً أرجع إلى مدينتي قبل أذان العصر وأحياناً مع أذان العصر؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كان سفرك مباحاً فأنت في حكم المسافر لأن المسافة التي تقطعها مسافة قصر، كما تقدم في الفتوى رقم: 3301.

وبالتالي فإذا كنت تتجاوز جميع بيوت القرية التي تسكن فيها قبل خروج وقت الظهر فيحق لك القصر والجمع بين الظهر والعصر والأفضل الاقتصار على القصر وحده، قال البهوتي في كشاف القناع وهو حنبلي: (وهو) أي القصر (أفضل من الإتمام نصا)، لأنه صلى الله عليه وسلم داوم عليه وكذا الخلفاء الراشدون من بعده، وروى أحمد عن عمر أن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته.

أما الجمع فهو جائز لكن تركه أفضل، قال النووي في المجموع: قال الغزالي في البسيط والمتولي في التتمة وغيرهما: الأفضل ترك الجمع بين الصلاتين، ويصلي كل صلاة في وقتها، قال الغزالي: لا خلاف أن ترك الجمع أفضل بخلاف القصر، قال: والمتبع في الفضيلة الخروج من الخلاف في المسألتين، يعني خلاف أبي حنيفة وغيره، ممن أوجب القصر وأبطل الجمع. وقال المتولي: ترك الجمع أفضل، لأن فيه إخلاء وقت العبادة من العبادة فأشبه الصوم والفطر. انتهى.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: ومن يسوي من العامة بين الجمع والقصر فهو جاهل بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبأقوال علماء المسلمين فإن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقت بينهما والعلماء اتفقوا على أن أحدهما سنة واختلفوا في وجوبه وتنازعوا في جواز الآخر فأين هذا من هذا. انتهى.

وإن جمعت الظهر والعصر تقديماً في هذه الحالة فذلك جائز لأن السبب المبيح للجمع وهو السفر موجود في وقت أداء الثانية، قال البهوتي في كشاف القناع: (و) والشرط الثالث (أن يكون العذر) المبيح للجمع من سفر أو مرض ونحوه (موجوداً عند افتتاح الصلاتين) المجموعتين (و) عند (سلام الأولى) لأن افتتاح الأولى موضع النية وفراغها، وافتتاح الثانية موضع الجمع. انتهى.

ولا يؤثر على هذا الجمع رجوعك من السفر في وقت الثانية، ففي تحفة المحتاج ممزوجاً بالمنهاج وهو شافعي: (و) إذا صار مقيماً (في الثانية و) مثلها إذا صار مقيماً (بعدها لا يبطل) الجمع (في الأصح) اكتفاء باقتران العذر بأول الثانية صيانة لها عن البطلان بعد الانعقاد.

وعليه فالأفضل في حقك قصر صلاة الظهر وترك جمع العصر معها، بل تؤخر العصر حتى تؤديها في بلدك ما دمت ستعود وقت الأذان لها أو قبلها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني