الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحكمة من تحريم ربا الفضل

السؤال

أتمنى الإجابة على السؤال بأسرع وقت لتوضيح الأمر، في حديث رواه البخاري جاء بلال إلى النبي صلى الله عليه وسلم بتمر برني فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (من أين هذا)، قال بلال: كان عندنا تمر رديء فبعت منه صاعين بصاع لنطعم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك: أوه أوه عين الربا عين الربا لا تفعل، ولكن إذا أردت أن تشتري فبع التمر ببيع آخر ثم اشتر به. هذا يعني أنه محرم أن نستبدل الذهب القديم بذهب جديد مثلا بدفع الفرق، فما الفرق إذا بعنا الذهب ثم قبضنا المال واشترينا به ذهبا جديدا مع زيادة في المبلغ، أليس الذهب هو نفسه والمال هو نفسه، فلم حرمه رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام، أتمنى توضيح الحكمة من هذا الأمر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالحديث الذي أشار إليه السائل دليل على تحريم ربا الفضل، وهو بيع شيء من الأموال الربوية بجنسه متفاضلاً كالذهب بالذهب متفاضلاً أو متساوياً مع دفع مبلغ من المال مع الذهب القديم فإن ذلك ربا أيضاً، أما السؤال عن الحكمة من رواء هذا المنع، فالجواب عنه هو أن العلماء اختلفت أراؤهم فيها، وقد نقل الشيخ الدكتور عمر المترك رحمه الله في كتابه الربا والمعاملات المصرفية شيئاً من أقوالهم فيقول: فمن قائل إن الحكمة وضع حد لنظام المقايضة والانتقال إلى نظام البيع واستخدام النقود عاملاً وسيطاً في التعامل، كما قال عليه الصلاة والسلام لبلال (بع الجمع (التمر الرديء) بالدراهم واشتر بالدراهم جنيباً (التمر الجيد). وفي هذا تنظيم اقتصادي، وذلك أن مصالح العباد لا تنظم إلا بالتجارات والحرف وترويج التجارة وتسويق السلع وتشغيل الأموال وتقليبها.

ومن قائل إن الحكمة من التحريم من باب سد الذرائع لأن الوسائل لها أحكام الغايات، وذلك أن ربا الفضل قد يجر إلى ربا النسيئة وينشئ في الناس عقلية من نتائجها اللازمة شيوع المراباة، فإن من باع جنساً بجنسه حالاً متفاضلاً قد يجره الطمع إلى أن يبيعه إياه نسيئة بأكثر وأعلى ثمناً، وهذا هو حقيقة الربا. انتهى. بتصرف.

هذا وسواء ظهرت لنا الحكمة من تحريم ربا الفضل أو لم تظهر فإن من شأن المسلم التسليم لأمر الله والانقياد له ولو لم تظهر له الحكمة من أمره ونهيه، يقول عمر رضي الله عنه: إلا أن آخر القرآن كان تنزيلاً آية الربا، ثم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يبين لنا، فدعوا الربا والريبة. انتهى، أي دعو ما تعلمون أنه ربا وما تستريبون فيه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني