الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعليل اعتداد فاطمة بنت قيس في بيت ابن أم مكتوم

السؤال

1-أريد تفسيرا لحديث رضاعة الكبير حتى يحرم الزواج.
2-أريد تفسيرا لحديث المرأة المطلقة التي أمرها الرسول صلى الله علية وسلم أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم وكيف يمكن لامرأة أجنبية أن تبيت في بيت رجل تحل له لمجرد أنه ضرير؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فسبق شرح حديث الرضاع في الفتوى رقم:32501، والفتوى رقم:66476.

وأما اعتداد فاطمة بنت قيس في بيت ابن أم مكتوم فإنما كان للضرورة، لأن زوجها طلقها ثلاثا وتخشى منه أن يقتحم عليها، كما ثبت ذلك في صحيح مسلم عن فاطمة بنت قيس قالت: قلت: يا رسول الله زوجي طلقني ثلاثا، وأخاف أن يقتحم علي، قال: فأمرها فتحولت.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أشار عليها أولا أن تعتد عند أم شريك، ففي صحيح مسلم عن فاطمة بنت قيس: أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب، فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته، فقال: والله ما لك علينا من شيء، فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال: ليس لك عليه نفقة, فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك، ثم قال: تلك امرأة يغشاها أصحابي، اعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك، فإذا حللت فآذنيني.

قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم : ومعنى هذا الحديث أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يزورون أم شريك ويكثرون التردد إليها لصلاحها، فرأى النبي صلى الله عليه وسلم أن على فاطمة من الاعتداد عندها حرجا من حيث إنه يلزمها التحفظ من نظرهم إليها ونظرها إليهم وانكشاف شيء منها، وفي التحفظ من هذا مع كثرة دخولهم وترددهم مشقة ظاهرة، فأمرها بالاعتداد عند ابن أم مكتوم لأنه لا يبصرها ولا يتردد إلى بيته من يتردد إلى بيت أم شريك, وقد احتج بعض الناس بهذا على جواز نظر المرأة إلى الأجنبي بخلاف نظره إليها وهذا قول ضعيف؛ بل الصحيح الذي عليه جمهور العلماء وأكثر الصحابة أنه يحرم على المرأة النظر إلى الأجنبي كما يحرم عليه النظر إليها؛ لقوله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ.... وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ. ولأن الفتنة مشتركة وكما يخاف الافتتان بها تخاف الافتتان به، ويدل عليه من السنة حديث نبهان مولى أم سلمة عن أم سلمة أنها كانت هي وميمونة عند النبي صلى الله عليه وسلم فدخل ابن أم مكتوم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: احتجبا منه فقالتا: إنه أعمى لا يبصر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أفعمياوان أنتما فليس تبصرانه؟ وهذا الحديث حديث حسن رواه أبو داود والترمذي وغيرهما. قال الترمذي هو حديث حسن, ولا يلتفت إلى قدح من قدح فيه بغير حجة معتمدة. وأما حديث فاطمة بنت قيس مع ابن أم مكتوم فليس فيه إذن لها في النظر إليه, بل فيه أنها تأمن عنده من نظر غيرها، وهي مأمورة بغض بصرها فيمكنها الاحتراز عن النظر بلا مشقة بخلاف مكثها في بيت أم شريك.اهـ

وبهذا يعلم أن اعتدادها في بيت ابن أم مكتوم هو أخف الضررين.

والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني