الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الرد على من زعم أن الصحابة أحرقوا بيت فاطمة وأسقطوا جنينها

السؤال

ما مدى صحة قصة إحراق بيت فاطمة الزهراء وإسقاط جنينها ؟ وخصوصاً وإن هذه الحادثة قد ذكرت في كثير من المصادر ؟

الإجابــة

‏الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ‏

فما يذكر من أن الصحابة أحرقوا بيت فاطمة رضي الله عنها، وأسقطوا جنينها، كذب ‏ظاهر، وإفك بين ألقاه الشيطان على عقول بعض المرضى الحاقدين على الإسلام وأهله، ‏المبغضين للنبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته في الحقيقة.
فإن الطعن في أصحاب النبي صلى ‏الله عليه وسلم طعن في الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم واتهام له بالفشل والإخفاق في ‏دعوته وأنه قضى سنوات بعثته عاجزاً عن اصطفاء جماعة مؤمنة مستقيمة من حوله، وأنه ‏اختار لصحبته الفساق والفجار والخونة. وحاشاه صلى الله عليه وسلم أن يكون كذلك، ‏وحاشا أصحابه أن يتصفوا بشيء من ذلك، كيف وقد زكاهم الله تعالى ومدحهم وأثنى ‏عليهم.
وقد بعث فيهم صلى الله عليه وسلم ليربيهم ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، ‏وقد كان ذلك والحمد لله.
والصحابة لم يكن أحب إليهم من رسولهم الكريم صلى الله ‏عليه وسلم، ومن آل بيته القريبين منه، وهكذا كل مسلم محب لنبيه صلى الله عليه وسلم ‏لا يقبل أن يُمس أحد من ذريته الطاهرة بأدنى أذى.‏
فكيف يتصور أن تنقلب الألوف من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين كانوا من ‏حوله في حجة الوداع يتقاتلون على أخذ شعره، وشرب فضلة مائه، فكيف تنقلب هذه ‏الألوف أسوداً ضارية معتدية، تنال من أحب الناس إليه، فاطمة رضي الله عنها، وهل هذا ‏يستقيم إلا عند أصحاب العقول المظلمة والنفوس المريضة التي لا تعقل ولا تفهم ولا ‏تدرك.‏
كيف يتصور عاقل أن يحدث مثل هذا الحدث المنكر المفزع، ثم لا يهب الرجال والنساء ‏والشبان والصبيان لنصرة نبيهم صلى الله عليه وسلم، وأين بنو عبد المطلب، وأين بنو ‏هاشم وأين المهاجرون وأين الأنصار، وأين المسلمون من حولهم.؟!
إن بطلان هذا الإفك يٌدرك ببدائه العقول، ولا يحتاج إلى بحث ولا استنباط، ولا يقدم ‏على هذه الفرية إلا رجل حاقد مارق يرى كفر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ‏وخيانتهم ونفاقهم. وهذا يعني بطلان ما جمعوه من القرآن والسنة، أي بطلان الدين الذي ‏جاء عن طريقهم. ولهذا فطن السلف إلى هذا الأمر وقالوا: إن من طعن في الصحابة فهو ‏زنديق يتوصل بذلك إلى الطعن في الدين كله.‏
ثم ليعلم أن هذا الإفك المفترى يتضمن أبلغ الطعن في علي رضي الله عنه، وأولاده ‏الشجعان الأقوياء. فأي منطق يبرر سكوت الرجل الشجاع القوي عن حماية عرضه ‏وصيانة حريمه، وهو يرى هدم بيته، وقتل جنينه؟ !
وإذا كان من قتل دون عرضه فهو ‏شهيد، فأي ذل وعار وخور يمكن أن يوصف به رجل مقاتل يرى انتهاك عرضه، ‏والاعتداء على زوجه ثم لا يحرك ساكناً؟!! أمَا إنها ليست زوجه فحسب، ولكنها ابنة أحب ‏الناس إليه .. تركها أمانة عنده.‏
فاللهم عفوك وغفرانك، وحمداً لك على نعمة العقل بعد نعمة الإسلام، ونسأل الله أن ‏يهدي ضال المسلمين، وأن يردهم إلى رشدهم وصوابهم.‏
والله أعلم.‏
‏ ‏

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني