الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

يلاحظ المصلون في المسجد الحرام وفي غيره من المساجد أن صوت الإمام يسمع من أي مكان في المسجد وأنهم ليسوا في حاجة للمسمع فما هو دور المسمع هنا خاصة وقد قال شيخ الإسلام: أما التبليغ خلف الإمام لغير حاجة فهو بدعة غير مستحبة باتفاق الأئمة. وإنما يجهر بالتكبير الإمام، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم، وخلفاؤه يفعلون، ولم يكن أحد يبلغ خلف النبي صلى الله عليه وسلم، لكن لما مرض النبي صلى الله عليه وسلم ضعف صوته، فكان أبو بكر ـ رضي الله عنه يسمع بالتكبير ، وقد اختلف العلماء: هل تبطل صلاة المبلغ ؟ على قولين في مذهب مالك وأحمد وغيرهما ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد فصل شيخ الإسلام ابن تيمية القول فى حكم التبليغ خلف الإمام قائلا : لم يكن التبليغ والتكبير ورفع الصوت بالتحميد والتسليم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا على عهد خلفائه ، ولا بعد ذلك بزمان طويل إلا مرتين : مرة صرع النبي صلى الله عليه وسلم عن فرس ركبه فصلى في بيته قاعدا ، فبلغ أبو بكر عنه التكبير . كذا رواه مسلم في صحيحه . ومرة أخرى في مرض موته بلغ عنه أبو بكر ، وهذا مشهور . مع أن ظاهر مذهب الإمام أحمد أن هذه الصلاة كان أبو بكر مؤتما فيها بالنبي صلى الله عليه وسلم وكان إماما للناس ، فيكون تبليغ أبي بكر إماما للناس ، وإن كان مؤتما بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وهكذا قالت عائشة رضي الله عنها : كان الناس يأتمون بأبي بكر ، وأبو بكر يأتم بالنبي صلى الله عليه وسلم . ولم يذكر أحد من العلماء تبليغا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا هاتين المرتين : لمرضه . والعلماء المصنفون لما احتاجوا أن يستدلوا على جواز التبليغ لحاجة لم يكن عندهم سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا هذا ، وهذا يعلمه علما يقينا من له خبرة بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولا خلاف بين العلماء أن هذا التبليغ لغير حاجة ليس بمستحب ، بل صرح كثير منهم أنه مكروه . ومنهم من قال : تبطل صلاة فاعله ، وهذا موجود في مذهب مالك وأحمد وغيره . وأما الحاجة لبعد المأموم ، أو لضعف الإمام ، وغير ذلك ، فقد اختلفوا فيه في هذه ، والمعروف عند أصحاب أحمد أنه جائز في هذا الحال ، وهو أصح قولي أصحاب مالك ، وبلغني أن أحمد توقف في ذلك ، وحيث جاز ولم يبطل فيشترط أن لا يخل بشيء من واجبات الصلاة.

وعليه فالتبليغ لغير حاجة غيرمشروع ، لكن الظاهر أن التبليغ الحاصل في الحرم مما تدعو إليه الحاجة لاتساع مساحة المسجد ووجود المصلين في الساحات والشوارع ، ولأنه قد يعرض للإمام عارض فجأة يمنع من رفع صوته بحيث يصل المكبر ، والمصلون خلفه آلاف مؤلفة فلو لم يكن هنالك مبلغ تعرضت صلاة كثير منهم إلى الاختلال والاضطراب .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني