الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يشهد النبي صلى الله عليه وسلم مجالس الصلاة عليه

السؤال

إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا. سورة الفتح، ما هو تفسير الآية وهل النبي صلى الله عليه وسلم يشهد في مجالسنا للصلاة عليه ومجلس المولد روحياً، وهل فسر ابن عباس رضي الله عنه هكذا سمعت من مجلس المولد من عالم وجاء بدليل (يعرض علي أعمال أمتي.. إلخ)؟ جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهذه الآية هي الخامسة والأربعون من سورة الأحزاب، وقد قال إمام المفسرين محمد بن جرير الطبري في تفسيرها: يقول الله تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: يا محمد (إنا أرسلناك شاهداً) على أمتك بإبلاغك إياهم ما أرسلناك به من الرسالة ومبشرهم بالجنة إن صدقوك وعملوا بما جئتهم به من عند ربك (ونذيراً) من النار أن يدخلوها فيعذبوا بها إن هم كذبوك وخالفوا ما جئتهم به من عند الله وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل... ثم سرد من قال بذلك، وقال ابن كثير: (شاهداً) أي لله بالوحدانية وأنه لا إله غيره وعلى الناس بأعمالهم يوم القيامة وجئنا بك على هؤلاء شهيداً، كقوله: لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا. وقوله عز وجل: ومبشراً ونذيراً. أي بشيرا للمؤمنين بجزيل الثواب ونذيراً للكافرين من وبيل العقاب. وكذا قال القرطبي والشوكاني والنسفي وغيرهم.

وأما هل يشهد النبي صلى الله عليه وسلم مجالس الصلاة عليه، فالجواب: أنه صلى الله عليه وسلم أخبر بأن صلاتنا عليه تعرض عليه وفي رواية أن لله ملائكة سياحين في أرضه يبلغون النبي صلى الله عليه وسلم صلاة وسلام من يصلي ويسلم عليه، وقد ساق شيخ الإسلام ابن تيمية جملة من تلك الأحاديث في مجموع الفتاوى وعلق عليها فقال: ولكن الذي في السنن ما رواه أبو داود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما من رجل يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام. فهو يرد السلام على من سلم عليه عند قبره ويبلغه سلام من سلم عليه من البعيد كما في النسائي عنه أنه قال: إن الله وكل بقبري ملائكة يبلغوني عن أمتي السلام. وفي السنن عنه أنه قال: أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة وليلة الجمعة فإن صلاتكم معروضة علي، قالوا: وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت، فقال: إن الله قد حرم على الأرض أن تأكل لحوم الأنبياء. فبين صلى الله عليه وسلم أن الصلاة والسلام توصل إليه من البعيد والله قد أمرنا أن نصلي عليه ونسلم وثبت في الصحيح أنه قال: من صلى علي مرة صلى الله عليه بها عشراً...

فبين صلى الله عليه وسلم في تلك الأحاديث أن صلاتنا وسلامنا عليه تعرض عليه وتوصل إليه، ولم يذكر أنه يحضر مجالسنا ويشهدها، ولم نقف فيما اطلعنا عليه على إثبات ذلك لا في خبر مرفوع أو أثر موقوف عن ابن عباس أو غيره، والواجب الوقوف عند ما ورد والكف عما لم يرد، وما يذكره أصحاب البدع من خرافات لجذب عواطف العامة لا دليل عليه.

فليتقوا الله تعالى في عباده ولا يضلوهم بغير هدى ولا كتاب منير، وعلى كل مسلم أن يحذر من أصحاب البدع والخرافات فإنهم لا يتورعون عن الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى صحابته الكرام بما يؤيد بدعهم ويعضدها، ولمعرفة حكم إقامة المولد والاحتفال به انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1888، 6064، 17832.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني