الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم إعداد تصاميم تحاكي تصاميم أخرى

السؤال

أنا شخص متزوج وأب لأولاد، ووظيفتي هي مصمم جرافيك بوجه عام، وصفحات الإنترنت بالتحديد، وفي عملي بعض الأمور التي تؤرقني وتجعلني بين التفكير في الاستمرار أو ترك هذا المجال بالكامل، ومشكلتي تكمن في شكي في حرمة بعض الأمور التي أقوم بها أثناء عملي، وهذه الأمور هي: اضطراري في بعض الأوقات لاستخدام الصور، مع العلم بأني لا أتعامل مع صور النساء إلا نادراً، حينما تكون الصورة ليس بها تبرج، وفي ذات الوقت أحاول أن لا أستخدم رسومات ذوات الأرواح، ولكني أضطر أحياناً لاستخدامها بحيث تكون ليست بهيئة كاملة، وهذا ما قرأته في بعض الفتاوى الخاصة بالرسومات، ولكني كما ذكرت أضطر أحيانا لاستخدام بعض الصور والرسومات، إن استطعت التغلب على النقطة السابقة (وهذا ما أحاول فعله حينما أرفض أي عمل لهذا السبب) فكيف أتغلب على مشكلة رؤيتي لكثير من الصور التي بها عري أثناء بحثي في الإنترنت عن بعض الصور التي أستخدمها في عملي ( مباني أو سيارات أو عناصر مختلفه وخلافه)، وعملي قائم أساساً على التعامل مع كافة أنواع الصور التي تجبرني في كثير من أوقات عملي على رؤية الجيد والفاسد من الصور، مع العلم بأني أحاول جاهداً غض بصري، ولكن من المحال أن يفلح هذا طوال الوقت! فلا بد لي أن أرى ما أستاء من رؤيته، وأخشى في كثير من الأحيان من الفتنة، ولهذا السبب أرى أن هذه المشكلة مشكلة مزعجة جداً، أثناء تصميمي أضطر لرؤية أعمال المصممين الآخرين، وهذا شيء أساسي لنجاح أي مصمم أن ترى عينه الكثير من التصميمات والأفكار، ولكن هذا الأمر قد يضطرني أحيانا أن أقلد بعض ما أراه وهذا ما يقول عليه البعض أحياناً "سرقة أفكار" خصوصا وأن بعض الناس يطلبون هذا التصميم أو ذاك بعينه، ويكون ليس من عملي أنا، ولكني أصممه لهم بالضبط كما قام به المصمم الآخر، وغالباً ما تكون أعمال جاهزة تباع ضمن كتالوجات على الإنترنت أو في كتالوجات مطبوعة، مع العلم بأني أقوم بالعمل في التصميم من البداية إلى النهاية، كما يقوم صانع الموبيليات بصناعة غرفة نوم من كتالوج أو من أشكال مصممة من قبل، للقيام بعملي لا بد لي من استخدام العديد من البرامج، منها المجانية، ومنها غير ذلك، أما المجانية فلا مشاكل فيها سوى أن صاحب البرنامج يطالبك أحياناً بوضع رمز أو اسم البرنامج أو اسمه كنوع من الدعاية له ولبرنامجه على عملك، وهذا ما لا أستطيع تطبيقه، حيث يسيء هذا إلى تصميمي.
أما البرامج المباعة، فأغلبها مبالغ في أسعارها، ولا أستطيع شراءها بالمبالغ الخيالية المطلوب دفعها، حيث إن نظير تنفيذي لعملي لا يؤهلني لشراء بعض هذه البرامج التى يصل ثمنها آلاف من الدولارات، مع العلم بأني أستطيع في يوم من الأيام أن أدخر من راتبي لشرائها، ولكن المبالغة في سعرها من قبل الشركات تمنعني "معنوياً" من شرائها، حيث أشعر بأن هذا احتكار واستغلال، خصوصا أنهم يطورونها بشكل دوري، بحيث تضطر دائما لشراء الجديد أو دفع مبلغ إضافي في كل مرة ينزل البرنامج بنسخة أحدث، في ذات الوقت توجد هذه البرامج على مواقع كثيرة على الإنترنت، ويطلق عليها "برامج مكسورة الحماية" ومعها ملفات صغيرة "كراك" تجعلها قابلة للاستخدام، وهذا ما يسمونه قرصنة البرامج، وبخصوص هذا الأمر فقد سمعت من قبل فتوى تبيح استخدامي لهذه البرامج بدون أن أبيعها أو أنسخها بغرض المكسب، ولكن أن أستخدمها فقط في عملي، ولا أدري هل فهمت الفتوى بشكل خاطئ؟ أم أنني يمكنني فعل هذا؟ مع العلم بأن الجميع تقريباً يقومون بنفس الشيء، وهذا ما يدعوني للتفكير، هل كل الذين يعتمد عملهم على الكمبيوتر وبرامجه تكون أموالهم مختلط بها الحرام؟ قدمت لنفسي بعض الحلول التي قد تساعدني على اتخاذ القرار بالاستمرار في عملي، ولكنها ليست حلولا مفيده بدرجة مائة بالمائة.... وهي أيضاً حلول ناقصه.... والحلول التي توصلت إليها هي:
1- بخصوص الصور... أستطيع شراء مجموعة كامله من الصور المختلفه "وهى تباع على أسطوانات" وبعد شرائها أقوم بتنقيحها فأحذف الصور التي بها حرمة وأظل أستخدم الصور الأخرى.
2- بخصوص التصميمات الجاهزه أستطيع أن أشارك فى بعض المواقع التى تبيع التصميمات الجاهزة للجميع نظير مبلغ من المال وتتيح استخدامها لتساعدني أثناء تصميمي لعملي، هذه هي الحلول.... وتظل مشكلة شراء البرامج قائمة وتظل مشكلتي الشخصية قائمة من حيث إن هذا العمل به الكثير من الفتن... أرجو أن تساعدوني على اتخاذ القرار، وأعلم جيداً أن الرزق بيد الله ويقيني بالله أني قد أفلح فى أي عمل آخر، ولكني أخشى أن تكون هذه وساوس ستظل متواجدة في أي عمل أقوم به إن تركت هذا المجال.... فقد تناقشت مع بعض الإخوة فقالوا لي أننا لو فكرنا بهذه الطريقه لترك معظم الناس أعمالهم حيث يختلط الحلال والحرام في كثير من الأعمال في مجتمعنا.... ولكني أجد صعوبه فى تقبل هذا الرأي وأود أن يكون مالي كله من حلال، وأحاول مقاومة نفسي وترك العمل... أفيدوني بالله عليكم... أدعو الله أن يجعلكم سببا لإنارة بصيرتي للقرار الصواب؟ عفواً على الإطالة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلم أنه يجب على المسلم أن يخضع طرق كسبه للضوابط الشرعية من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذه الوظيفة التي تعمل بها تكتنفها محاذير، فإذا أمكنك أن تسلم منها فاستمرارك في وظيفتك جائز، وإن لم يمكنك ذلك فينبغي أن تبحث عن وظيفة أخرى لا تبعة عليك فيها، وليس صحيحاً ما ذكره إخوانك أن كل أعمال الناس اليوم لا بد أن يختلط الحرام بها، فلم تصل الأمور بعد إلى أن يطبق الحرام الأرض.

وعلى كل فما ذكرته من حلول تتجنب بها المحذورات الشرعية في مهنة الجرافيك حلول جيدة، وبالنسبة لحكم نسخ البرامج التي لم يأذن أصحابها بذلك فقد تقدمت لنا فتاوى تمنع هذا النسخ للعمل التجاري والشخصي أيضاً، وهناك من أهل العلم من ذهب إلى جواز النسخ الخاص، وراجع أقوالهم في الفتوى رقم: 13169.

هذا ولا حرج عليك في إعداد تصاميم تحاكي فيها تصاميم أخرى موجودة صممها أناس آخرون، وليس هذا داخل في حقوق التأليف ولا الاختراع وأصحابها، إنما عرضوها للناس ليستفيدوا منها وهم يعلمون أن آخرين سيقلدونهم في ذلك.

ونشير أخيراً إلى مسألة الفتنة التي ذكر الأخ السائل أنه يتعرض لها في عمله فنقول: إنه إن غض بصره عن الصور المحرمة واستبصر معية الله عز وجل فلا تثريب عليه، أما إن كان يسعى لها ويبحث عنها في مظانها فهذا هو الخطر الماحق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني