الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفسير الآيتين الكريمتين 234-235 من سورة البقرة

السؤال

الرجاء تفسير الآيتين الكريمتين 234-235 من سورة البقرة ؟
وهل يجوز للشاب التحدث مع الفتاة التي يريد خطبتها دون وجود محرم ولكن في مكان عام ؟
وجزاكم الله عنا كل خير .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالآية الأولى من الآيتين المطلوب تفسيرهما هي قول الله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا {البقرة: 234} قال أهل التفسير ( والذين يتوفون منكم ) أي يموتون ( ويذرون أزواجا ) أي يتركون أزواجا ( يتربصن ) ينتظرن ( بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ) أي يعتددن عدة الوفاة على فراق أزواجهن بترك الزينة والطيب المدة المذكورة، إلا إذا كن حوامل فتكون عدتهن وضع حملهن كما قال تعالى: وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ {الطلاق: 4} وكانت عدة الوفاة قبل نزول هذه الآية سنة كما قال تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ {البقرة: 240} فنسخت بهذه الآية، ( فإذا بلغن أجلهن ) انقضت مدة عدتهن ( فلا جناح عليكم ) أي لا حرج عليكم ( فيما فعلن في أنفسهن ) من اختيار الأزواج لأنفسهن دون العقد، فإن العقد أمره إلى الولي ، وقيل ( فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف ) من التزين للخطاب زينة لا ينكرها الشرع ( والله بما تعملون خبير ) لا يخفى عليه شيء من أمركم يعلم السر وأخفى .

وأما الآية الثانية فهي قوله تعالى : وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ {البقرة: 235 } أي المعتدات عدة الوفاة، والتعريض هو التلويح بالشيء وبالكلام بحيث يفهم السامع المراد من غير تصريح مثل أن يقول: إنك لصالحة ومثلك يُرغَب فيه ، أو يهدي لها أو ما أشبه ذلك ، ولا تجوز الخطبة في العدة مطلقا ولا يجوز التعريض بها؛ إلا في عدة الوفاة، أو ممن حرمت على زوجها ولا يمكن له الرجوع إليها ، ( أو أكننتم في أنفسكم ) أي لا حرج عليكم فيما أخفيتم وأسررتم في قلوبكم ، ( علم الله أنكم ستذكرونهن ) بقلوبكم ( ولكن لا تواعدوهن سرا ) أي لا تأخذوا منهن عهدا وميثاقا سرا ألا ينكحن غيركم ، وقيل غير ذلك ( إلا أن تقولوا قولا معروفا ) وهو ما ذكر من التعريض بالخطبة ( ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله ) أي لا تحققوا العزم على عقد النكاح حتى تنقضي العدة ( واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه ) أي خافوا غضبه وعقابه ( واعلموا أن الله غفور حليم ) لا يعجل بالعقوبة .

والآيتان الكريمتان من أهم آيات الأحكام الواردة في تنظيم الأحوال الشخصية، وفيهما أبحاث مطولة يرجع إليها في كتب التفسير وفي كتب آيات الأحكام بصفة خاصة ، ونلاحظ أن في ختام كلا الآيتين تعقيبا مناسبا لما ورد فيهما من الأحكام؛ كما هو شأن القرآن الكريم عندما يأمر بأمر أو ينهى عنه أو يبين حكما فيأتي التعقيب على ذلك باسم من أسماء الله تعالى أو صفة من صفاته تناسب المقام أو التنبيه على مراقبته تعالى وترغيب المسلم في امتثال أوامره أو ترهيبه من تعدي حدوده ليكون ضمير المسلم حارسا لهذه الأحكام من تلقاء نفسه دون التفات إلى حاكم ، وبذلك تختلف الأحكام الشرعية والأوامر الربانية عن غيرها من قوانين البشر التي لا بد للبشر أن يحرسوها بأنفسهم، فإذا غاب الراعي عن أعينهم نبذوا تلك التعليمات والأحكام وداسوا عليها الأقدام . ملخصا من مجموعة من كتب التفسير .

أما الشق الثاني من السؤال فيراجع الجواب عليه في هاتين الفتويين: 9786 ، 8156.

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني