الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حول علامات ومواقيت الصلوات

السؤال

فضيلة الشيخ : من فضلك تجيب لنا على هذا السؤال من غير أن تحوله لفتوى أخرى، عندنا هنا في القاهرة مباني مرتفعة وبعض الجبال يصعب معها معرفة الوقت الشرعي لنهاية وقت المغرب وبداية وقت العشاء أي أنه يصعب معرفة وقت مغيب الشفق الأحمر فنعتمد على الحسابات الفلكية الرسمية. عندنا هنا فى الحسابات الفلكية أن العشاء حوالي ساعة ونصف من المغرب في الصيف وحوالي ساعة وثلث في الشتاء. أذهب للمسجد لصلاة المغرب قرب آخر وقت المغرب ثم أنتظر قليلا حتى أذان العشاء وأصلي العشاء جماعة. لكن بعض الناس قال لي إن وقت المغرب لا يستمر أبدا ساعة ونصفا، إنما الوقت أقل من ذلك بكثير. ووجدت بعض الناس يصلون العشاء قبل ذلك الوقت. رجعت للبحث على مواقع مواعيد الصلاة فوجدت في www.islamicfinder.orgعند اختيار الدولة مصر مثلا نجد أنه يوجد أكثر من اختيار يعتمد على طريقة الحساب. بالنسبة لبداية وقت صلاة العشاء متغير حسب طريقة الحساب فمثلا: August 2006كلهم حسب الفقه الشافعى ومالك وأحمد: Cairo وقت العشاء 9:12 ( الهيئة العامة المصرية للمساحة) وقت العشاء 8:32 طريقة الحساب المستخدمة: زاوية الشفق Fajr = 10 degrees & Isha = 10 degrees وقت العشاء 8:16 طريقة الحساب المستخدمة Fajr = 10 degrees & Isha = 30 minutes ISNA وقت العشاء 8.58 (الاتحاد الإسلامي بأمريكا الشمالية) المشكلة أن وقت العشاء المحسوب بطريقة الهيئة العامة المصرية للمساحة حسب الفقه الشافعي ومالك وأحمد وأبو حنيفة واحد. لكن كما تعلم أن مذهب أبي حنيفة في وقت دخول العشاء ليس مثل المذاهب الثلاثة الأخرى معنى ذلك أنه يوجد خطأ. هل يمكن يا شيخنا تلقى نظرة على هذا الموقع وتقول لنا أي منهم الصحيح؟ هل نأخذ بأي واحد منهم؟ وأصحاب الأعذار الذين يتوضؤون لوقت كل صلاة هل يأخذون بأى منهم لأنها مسألة خلافية؟ قرأت فتوى لفضيلتكم رقم 64090 بعنوان الشفق الأحمر والأبيض وفيها أن ما بين غروب الشمس ومغيب الشفق الأحمر نصف سدس الليل. هل الصواب أن نعمل بها لأن ساعة ونصف مختلف فيها؟ هل صحيح أن الشفق الأحمر عبارة عن مجموعة من الغازات والأبخرة تظهر في الأفق ولا تختفي لكن تخفت تدريجيا مع دخول سواد الليل وتستمر في الوجود وعليه لايوجد وقت محدد بالضبط لمغييب الشفق الأحمر ويكون وقت المغرب والعشاء واحد كما جاء في الآية : أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر . لذلك قال الإمام مالك وقت المغرب والعشاء إلى طلوع الفجر ؟
وجزاكم الله خيرا على الرد.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالأصل أن أوقات الصلوات إنما تعرف بالعلامات الكونية التي جعلها الشارع دليلا على تلك الأوقات حسبما بينا في الفتوى رقم : 32380 ، ووقت المغرب يبدأ بغروب الشمس ويستمر إلى غياب الشفق الأحمر وبه يدخل وقت العشاء عند الجمهور، فلا تصح صلاة العشاء قبل غياب الشفق الأحمر، وأما عن الاعتماد على الحساب الفلكي في معرفة أوقات الصلاة فقد بينا حكمه في الفتوى رقم : 67701 ، فلتراجع .

ونسبة الأخ السائل الخطأ إلى التقويم المسوي بين المذاهب في بدء العشاء غير مستقيم، فإن أبا حنيفة في رواية عنه وصاحباه قد وافقا الجمهور في بدء وقت العشاء، فقد جاء في بدائع الصنائع في الفقه الحنفي : أما أول وقت العشاء فحين يغيب الشفق بلا خلاف بين أصحابنا؛ لما روي في خبر أبي هريرة رضي الله عنه: وأول وقت العشاء حين يغيب الشفق، واختلفوا في تفسير الشفق، فعند أبي حنيفة هو البياض وهو مذهب أبي بكر وعمر ومعاذ وعائشة رضي الله عنهم ، وعند أبي يوسف ومحمد والشافعي هو الحمرة وهو قول عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم، وهو رواية أسد بن عمرو عن أبي حنيفة . انتهى .

وأما ما ذكره السائل من الاعتماد على ما جاء في فتوى سابقة من أن ما بين غروب الشمس وغروب الشفق الأحمر نصف سدس الليل فإن ذلك كلام منقول عن الإمام النووي رحمه الله كما هو مبين في الفتوى، وهو ليس عاما في كل الأرض، وهو مع ذلك غير مقطوع به فلا يصح الاعتماد عليه، وصاحب السلس كغيره في معرفة دخول الوقت .

ثم إننا لا نعرف حقيقة الشفق ولا يتوقف على معرفة حقيقته حكم، ولكن الذي نعرفه هو أن الشارع جعل غيابه علامة على دخول وقت العشاء، والآية المشار إليها ليست نصا في تعيين أوقات الصلاة بالتفصيل، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أوقات الصلاة قولا وعملا ، قال الشوكاني في فتح القدير عند تفسير الآية المذكورة : وقد استدل بهذه الأية -أعني قوله-: إلى غسق الليل من قال إن صلاة الظهر يتمادى وقتها من الزوال إلى الغروب، روي ذلك عن الأوزاعي وأبي حنيفة، وجوزه مالك والشافعي في حال الضرورة، وقد وردت الأحاديث الصحيحة المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعيين أوقات الصلوات، فيجب حمل مجمل هذه الآية على ما بينته السنة . انتهى .

وما ذكر عن مالك من قوله بامتداد وقت المغرب والعشاء إلى الفجر فإن المراد الوقت الضروري، أما في حال عدم الضرورة فلا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها الاختياري .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني