الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يقتصر المصلي على الأركان ويترك السنن لإدراك الوقت

السؤال

رجل مصاب بسلس ويتوضأ لكل صلاة وإذا خرج الوقت بطلت طهارته، لم يبق من الوقت ما يسع كل أركانها (عليه صلاة الظهر وبقي من الوقت بعد التطهر ما لا يسع أربع ركعات) إن كبر وصلى بطلت طهارته في الركعة الثالثة لخروج الوقت ماذا يفعل؟! هل يصلي ويعيد أم يصلي ولا يعيد أم يصلي وإذا خرج الوقت خرج من صلاته (لأنها بطلت) ويعيدها قضاء، ماذا لو ظن أن الوقت لن يخرج فخرج، وهل يجب عليه الاقتصار على الأركان فقط، وهل يؤثر لو كان تأخيره للصلاة بعذر أو لا في مسألة الإعادة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اختلف أهل العلم في وضوء صاحب السلس، فمنهم من رأى أنه لا ينقض بالسلس إذا كان يلازمه أكثر الزمن، ومنهم من رآه يبطل بدخول وقت الصلاة الأخرى، ومنهم من قال يبطل بخروج وقت الصلاة التي توضأ لها ولو لم يدخل وقت الصلاة الأخرى، ولك أن تراجع في تفصيل كلامهم الفتوى رقم: 71602.

واعلم أن شريعة الإسلام مبنية على اليسر والسماحة، وليس فيها شيء من الحرج، قال الله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78}، وقال: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16}، وقال: لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة:286}، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا. رواه البخاري ومسلم وهذا لفظ البخاري.

وعليه؛ فهذا الرجل إذا دخل في الصلاة وخرج الوقت في ركعته الثالثة، فإنه يمكنه أن يقلد من لا يرون بطلان الوضوء إلا بدخول وقت الصلاة الأخرى، أو من لا يرون بطلانه أصلاً إذا كان السلس ملازماً أكثر الزمن، وذلك لأن قطع صلاة الفريضة بعد الشروع فيها دون مسوغ شرعي غير جائز؛ لقوله تعالى: وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ {محمد:33}، ثم بعد أن يكملها فمن الحسن له أن يعيدها احتياطاً للخروج من خلاف أهل العلم، إذا كانت الإعادة لا تشق عليه، ولا نرى فرقاً بين أن يظن أن الوقت لن يخرج فخرج، ولا بين أن يكون تأخيره للصلاة كان بعذر أو لا، لأن أهل العلم لم يبنوا خلافهم في هذه المسألة على شيء من ذلك، وإنما بنوه على ما ورد فيها من النصوص، أو على ما تجلبه من المشقة.

وأما ما سألت عنه من الاقتصار على الأركان وترك السنن محافظة على إدراك الوقت، فقد قال به كثير من أهل العلم، ففي منح الجليل عند قول خليل: وتدرك فيه الصبح بركعة، قال الشيخ عليش: تامة بسجدتيها مشتملة على قراءة فاتحة قراءة متوسطة وعلى طمأنينة واعتدال في رفع من ركوع وسجود، ويجب ترك السنن كقراءة سورة وزيادة طمأنينته محافظة على إدراك الوقت.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني