الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تداول زكاة الفطر

السؤال

نحن جماعة من المغتربين المسلمين باسبانيا أتينا من مخيمات اللاجئين الصحراويين بتنندوف(الجزائر) بحثا عن تحسين ظروف معاشنا مع العلم أننا قضينا بها أزيد من ثلاثين سنة نقتات من الهبات الخارجية التي تدعمنا بها المنظمات الدولية، تركنا زوجاتنا وذرياتنا وأتينا إلى أسبانيا من أجل العمل وتحصيل عرق الجبين فمنا من وجد العمل بالحقل (14 عشر ساعة يوميا) متصلة، ومنا من يعمل بالبناء لمدة 7 ساعات يوميا. نسكن ببيت استأجرناه .سؤالي هو: - هل من الواجب علينا صيام شهر رمضان مع هذا العمل الشاق؟- كيف نخرج زكاة الفطر مع العلم أن المسلمين بالمدينة غير متواجدين عدانا وهل من الممكن تداولها بيننا ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالواجب عليكم صيام شهر رمضان بأن يقوم كل منكم بتبييت نية الصيام، فإذا شق عليه الصوم بحيث يعجز عن أداء عمله جاز له الفطر حينئذ، ولا يجوز له تبييت نية الإفطار، وراجع الفتوى رقم: 55127 .

وقد بينا في الفتوى رقم: 6325 إلى من تصرف زكاة الفطر، كما بينا خلاف العلماء في ذلك في الفتوى رقم: 69999 فراجعهما ، فمن كان منكم فقيرا أو مسكينا جاز له أن يأخذ صدقة الفطر، والفقير هو العادم أو يجد ما لا يقع موقعا من كفايته بأن يكون دخله دون النصف من حاجته، والمسكين أحسن حالا منه ولكنه لا يجد ما يكفيه ومن ينفق عليهم .

والأصل في زكاة الفطر أن توزع في البلد الذي وجبت فيه، وما دامت بلدتكم لا يوجد فيها مصرف لهذه الزكاة فابعثوا بها إلى بعض بلاد المسلمين التي يوجد فيها محتاجون وما أكثرهم في هذا الزمان ، وراجع الفتوى رقم : 904 .

وبالنسبة لتداولها بحيث يخرجها من وجبت عليه ثم يأخذها زكاة عن المدفوع إليه فهذا جائز عند بعض أهل العلم كالشافعية خلافا للمالكية بشرط أن يكون آخذها فقيرا، قال النووي في المجموع : قال صاحب الحاوي: إذا أخرجها فله أخذها ممن أخذها عن فطرة المدفوع إليه إذا كان الدافع ممن يجوز دفع الزكاة إليه، وقال مالك : لا يجوز أخذها بعينها بل له أخذ غيرها، ودليلنا : أنها صارت للمدفوع إليه بالقبض فجاز أخذها كسائر أمواله ولأنه دفعها لمعنى وهو اليسار بالفطرة وأخذها بمعنى الحاجة وهما سببان مختلفان فلم يمتنعا؛ كما لو عادت إليه بإرث فإنه يجوز بالإجماع ، قال المحاملي في كتابيه : المجموع : والتجريد : إذا دفع فطرته إلى فقير والفقير ممن تلزمه الفطرة فدفعها الفقير إليه عن فطرته جاز للدافع الأول أخذها ، قال : وكذا لو دفعها أو غيرها من الزكوات إلى الإمام ثم لما أراد الإمام قسم الصدقات وكان الدافع محتاجا جاز دفعها بعينها إليه لأنها رجعت إليه بغير المعنى الذي خرجت به فجاز؛ كما لو عادت إليه بإرث أو شراء أو هبة . قال في التجريد : وللإمام أن يدفعها إليه كما يجوز أن يدفعها إلى غيره من الفقراء لأنه مساو لغيره في جواز أخذ الصدقة. وقال إمام الحرمين في تعليل المسألة : لا يمتنع أن يأخذها بعد دفعها لأن وجوب الفطرة لا ينافي أخذ الصدقة لأن وجوبها لا يقتضي غنى ينافي المسكنة والفقر ، فإن زكاة المال قد تجب على من تحل له الصدقة لأن الزكاة يحل أخذها بجهات غير الفقر والمسكنة كالغارم لذات البين وابن السبيل الموسر في بلده والغازي فإنهم تلزمهم زكاة أموالهم ويأخذون الزكاة فلا يمتنع وجوب الزكاة على إنسان وجواز أخذ الزكاة . انتهى .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني