الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

كنت قد سرقت أغراضا من شقة جاري وذلك قبل أن يتوب الله تعالى علي ويمن علي بالهداية، أما الآن فلا أدري كيف أرد هذا المال لصاحبه -مع العلم بأنه مبلغ يقدر بحوالي 4000 جنيه مصري- فالرجل لا يأتي بيته فهو على سفر مستمر ثم إنه على فرض مجيئه لا أدري كيف أصارحه ولا أدري ما هو رد فعله فربما ينشر سري بين الجيران أو يبلغ الشرطة فستكون مشكلة، كيف أرد هذا المبلغ، لتبرأ ذمتي، هل يجوز التصدق به له، ولو جاز هل إذا عاد لزمني دفعه له مرة أخرى -مع كبر المبلغ- وقد فكرت في فكرة لا أدري هل تجوز أم لا، الرجل لا يدفع القسط الشهري لصيانة المصعد وحجته أنه على سفر دائم فلا يستخدمه فلا أدري هل تهربه من الدفع صحيح، فإذا وجب عليه الدفع مثلا، فهل يجوز أن أدفع أنا بالنيابة عنه بطريقة أو بأخرى فأكون قد وفيته ماله، أفيدوني رحمكم الله تعالى؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالسرقة من الكبائر العظمى وقد رتب الله عليها قطع اليد، فقال: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {المائدة:38}، وأوضح النبي صلى الله عليه وسلم أن السرقة تدل على نقص الإيمان، فقال: لا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن.... رواه البخاري ومسلم.

فالحمد لله على أنك تبت إلى الله، وعليك أن تكثر من الأعمال الصالحة، قال الله تعالى بعد أن ذكر حد السارق: فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {المائدة:39}، ومن تمام التوبة أن ترد المال إلى من أخذته منه بأي طريقة تراها مناسبة، ولا يكفي أن تتصدق به عنه ما دمت تجد وسيلة لرده إليه.

وفيما يتعلق بموضوع امتناعه من دفع القسط الشهري لصيانة المصعد، فإن كان يستغل هذا المصعد ولو فترة قصيرة من الزمن، فمن الواجب عليه أن يشارك فيما يدفع لصيانته، ولكن لا ينبغي أن يكون قسطه منه مساوياً لأقساط أولئك الذين يستغلونه استغلالاً كبيراً، وعلى كلٍ فليس من حقك أنت أن تتولى الدفع نيابة عنه من ماله ما لم يوكلك على ذلك.

وعليك أن تعلم أنك لو مت قبل البراءة من المبلغ كله كان ديناً عليك في الآخرة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرض أو شيء فليتحلله من قبل أن يؤخذ منه حين لا يكون دينار ولا درهم، فإن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإلا أخذ من سيئات صاحبه فحملت عليه. رواه البخاري، وإن كنت تخشى الفضيحة لو صارحت الرجل فإنه يمكنك الحيلة، فيمكنك أن ترسل المبلغ إليه دون أن تُعلمه أنك أنت من فعل ذلك، المهم هو أن يصل إليه حقه كاملاً.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني