الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب العلماء في خروج المعتدة إلى المسجد

السؤال

سؤالي: هل يجوز للمعتدة عدة الوفاة الخروج لصلاة الجمعة وهي جارة المسجد وكبيرة في السن .
جزاكم الله عنا خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمذهب جمهور أهل العلم أن المعتدة ملزمة بالمكث في بيتها ليلا ونهارا وعدم الخروج إلا لحاجة، وإذا كان كذلك فخروجها إلى المسجد للصلاة ليس بحاجة ولا مرغب فيه، بل صلاتها في بيتها خير لها من الخروج إلى المسجد؛ لما في صحيح ابن حبان وصحيح ابن خزيمة عن عبد الله بن سويد الأنصاري عن عمته أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي أنها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني أحب الصلاة معك، قال: قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي، قال: فأمرت فبني لها مسجد في أقصى شيء من بيتها وأظلمه، وكانت تصلي فيه حتى لقيت الله جل وعلا.

ورخص لها العلماء في الخروج نهارا لقضاء حوائجها فقط، والصلاة ليست من الحوائج، قال الرحيباني: (ولا تخرج) معتدة لوفاة (إلا نهارا) لما روى مجاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { تحدثن عند إحداكن حتى إذا أردتن النوم فلتأت كل واحدة إلى بيتها } ولأن الليل مظنة الفساد، ولا تخرج نهارا (إلا لحاجتها) من بيع وشراء ونحوهما (ولو وجدت من يقضيها) فلا تخرج لحاجة غيرها ولا لعيادة وزيارة ونحوهما)اهـ

وقال الخطيب الشربيني: (كل معتدة لا تجب نفقتها ولم يكن لها من يقضيها حاجتها لها الخروج (في النهار لشراء طعام) وقطن وكتان (و) بيع (غزل ونحوه) للحاجة إلى ذلك { ولقول جابر رضي الله تعالى عنه: طلقت خالتي ثلاثا، فخرجت تجد نخلا لها، فنهاها رجل، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال: اخرجي فجدي نخلك ولعلك: أن تتصدقي منه أو تفعلي خيرا} رواه مسلم وأبو داود واللفظ له، قال الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه: ونخل الأنصار قريب من منازلهم، والجداد لا يكون إلا نهارا -أي غالبا- أما من وجبت نفقتها من رجعية أو مستبرأة أو بائن أو حامل فلا تخرج إلا بإذن أو ضرورة كالزوجة لأنهن مكفيات بنفقة أزواجهن. اهـ ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم 35131.

وظاهر كلام المالكية جواز الخروج للمعتدة إلى المسجد. قال الحطاب المالكي في مواهب الجليل: ولا يمنعن من الخروج والمشي في حوائجهن ولو كن معتدات وإلى المسجد. وقال الباجي في المنتقى: مسألة: والمتوفى عنها زوجها تحضر العرس. رواه ابن القاسم عن مالك. انتهى بتصرف.

والعرس ليس بحاجة، فالظاهر أنهم لا يمنعون خروج المعتدة نهارا إذا التزمت آداب الخروج، وبهذا يظهر أن المسألة محل خلاف بين أهل العلم، والأولى عدم الخروج للصلاة خروجا من الخلاف.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني