الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من حلف بالمصحف هل يلزمه في كل آية كفارة

السؤال

كيف تكون عاقبة زوجة وضعت المصحف الشريف بين فخديها قاصدة بذلك اليمين ألا تخون زوجها من تلقاء نفسها وأعادت القسم عدة مرات. وأنكرت هذا الحلف. وأنا أعلم قول النبي صلى الله عليه وسلم من حلف بسورة من القرآن فليكفر عن كل آية من شاء بر ومن شاء كفر. إلا أن الزوج وجد هذه الزوجة تزني /أقصد الخيانة الزوجية/

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا ينبغي وضع المصحف بين الفخذين، ولا فيما هو مظنة الامتهان وإن لم يقصد فاعله ذلك. ومن حلف بالمصحف كمن حلف بالله، لأن القرآن كلام الله الذي هو صفة من ‏صفاته. قال ابن قدامة في المغني: وكان قتادة يحلف بالمصحف، ولم يكره ذلك إمامنا، -أي ‏أحمد بن حنبل- وإسحاق، لأن الحالف بالمصحف إنما قصد الحلف بالمكتوب فيه وهو ‏القرآن، فإنه بين دفتي المصحف بإجماع المسلمين.

وأما حكم من حنث في يمينه وما يلزمه فينظر في ذلك الفتوى رقم: 6869، والحديث المذكور أورده البيهقي في سننه وابن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيهما وتكرار الكفارة فيه محمول على الندب لا على الوجوب. قال ابن مفلح في المبدع: وإن حلف بكلام الله تعالى أو بالمصحف أو بالقرآن فهي يمين فيها كفارة واحدة. اهـ . وقال ابن قدامة في الشرح الكبير: قال شيخنا: ويحتمل كلام أحمد أن في كل آية كفارة على الاستحباب لمن قدر عليه، فإنه قال عليه بكل آية كفارة، فإن لم يمكنه فكفارة واحدة، ورده إلى واحدة عند العجز دليل على أن ما زاد عليه غير واجب، وكلام ابن مسعود أيضا يحمل على الاختيار والاحتياط لكلام الله والمبالغة في تعظيمه؛ كما روي عن عائشة أنها أعتقت أربعين رقبة حين حلفت بالعهد وليس ذلك بواجب، فعلى هذا تجزئه كفارة واحدة؛ لقول الله تعالى: وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ {المائدة: 89} وهذه يمين فتدخل في عموم الأيمان المنعقدة؛ ولأنها يمين واحدة فلم توجب كفارات كسائر الأيمان.

ولكن مجرد وضع المصحف ليس يمينا ما لم تكن قد نطقت بصيغة اليمين. فإن كانت نطقت باليمين وقالت: وحق هذا المصحف أو ما فيه ونحو ذلك لا أخون زوجي أو نحوها من العبارات فقد حنثت بما ذكرت من خيانتها. وإن كان تكرارها لليمين على نفس ما أقسمت عليه سابقا وهو عدم الخيانة، وقصدت بذلك تكرار يمينها السابق ولم تقصد بها التأسيس -تجديد اليمين-، فهنا تجب عليها كفارة واحدة عن الأيمان كلها، لأنها بمنزلة يمين واحدة، ولتفصيل المسألة راجع الفتوى رقم: 8186، والفتوى رقم: 52623.

وعليها أن تتوب إلى الله تعالى توبة نصوحا لاقترافها تلك الفاحشة العظيمة والخيانة الجسيمة. ولمعرفة شروط التوبة النصوح وما ينبغي فعله تجاه الزوجة الخائنة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية:296، 28258، 45552، 70858.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني