الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

منع الأب ابنته من الخروج للعمل حفاظا عليها من الفساد

السؤال

عندما كنت طفلة في الابتدائية كنت أقول لأبي إنني أريد أن نخرج ونتنزه ونلعب حيث كنا نادرا جدا ما نتنزه فيقول لي أنت بنت ولا يحق لك الخروج كثيرا ويتلو علي الآية الكريمة ((وقرن في بيوتكن))فكنت أسكت.ومرت السنون وتعودت على قعدة البيت حتى وصل الأمر بي أنه أحيانا كان البيت كله يخرج لأي مشوار أو حتى الحدائق ولا أخرج معهم، وكان أبي دائما يردد هذه الآية وكان كثيرا ما يحسسني أنه تفضل علي بأن سمح لي بأن أذهب للمدرسة وأتعلم ، حتى أنه كثيرا ما كان يلمح أنه لن يسمح لي بالالتحاق بالجامعة بحجة الاختلاط ولكن حمدا لله كنت متفوقة في دراستي وكنت دائما من ال3 الأوائل ودخلت الجامعة وتخرجت لأكون مدرسة لغة إنجليزية (سبتمبر 2005) وكنت ال3 على القسم وعملت فور تخرجي في إحدى المدارس ولكنه كان دائما ما يلمح أن مكان البنت البيت وليس لها أن تعمل وبالفعل أجبرني هذا العام على ترك العمل وجاءته رسالة خطية من (موجهتي) تطلب منه بأن أعمل وذلك (ولله الحمد)لإخلاصي في العمل وأن لا أحرم أطفال المسلمين من علمي إلا أنه رفض ولم يوافق ومن هنا أصبحت حبيسة المنزل، لا يوافق على أي خروج لي وإذا وافق يكون بصعوبة بالرغم من أن عمري الآن 23 سنة ولكن لا أعرف لماذا يفعل هذا، مع أنه يعلم جيدا(ولله الحمد)التزامي الشديد جدا بالدين (ولله الحمد) يعرف عني المحيطون بي من إخوتي وأقاربي وصديقاتي وزميلاتي وأساتذتي في الجامعة والمدرسة ما يعرفه عني أبي جيدا وأحيانا يقال لي الشيخة غادة فأصبح من الممكن أن يمر علي الأسبوعان دون أن أخرج حتى مع صديقاتي (مع العلم أنه من النادر أن أطلب منهم الخروج ) ومن هنا عندي سؤالان: (1)هل ما يفعله أبي صحيح حتى ولو كان هذا خوفا علي؟(2) ماهو تفسير الآية الكريمة((وقرن في بيوتكن)) ؟
وجزاكم الله خيرا .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن الآباء مجبولون بطبعهم على حب ما ينفع أولادهم والسعي فيه ، وهم أسن منهم وأطول ‏تجربة في أمور الحياة. والغالب أن آراءهم واختياراتهم تكون أفضل للأبناء من اختيارهم لأنفسهم. ‏وإن كره الأبناء ذلك فكراهتهم له لا تدل على أنه صواب، فإن الله تعالى يقول: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ {البقرة:216}.

فمنع أبيك لك من الخروج ومزاولة الأعمال في المؤسسات الدراسية التي لا تخلو في الغالب من الاختلاط، حفاظا عليك من الفساد هو الصواب، بل قد يكون واجبا عليه إذا رأى ما يمكن أن يجر الفتنة فهو راع وسيسأل عن رعيته ، يقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ {التحريم:6}. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته.

فتبين من هذا أن أباك محق فيما فعله، إلا أنك إذا كنت محتاجة لتلك الوظيفة، ولم تجدي من يقوم بأمرك لم يكن من حقه أن يمنعك منها.

وحينئذ يباح لك ممارستها بشرط أن لا تكون فيها مخالفة شرعية من اختلاط أو تبرج أو غير ذلك.

وأما تفسير الآية الكريمة: فـ (قرن) فعل أمر من قر المشتقة من القرار، وأصلها اقررن. يقول ابن مالك في ألفيته:

وقرن في اقررن وقـــرن نقــلا

ومعناها: الزمن ولا تبرحن.

قال ابن كثير: وقرن في بيوتكن، أي الزمن فلا تخرجن لغير حاجة. وقال ابن العربي في أحكام القرآن: يعني اسكن فيها ولا تتحركن ولا تبرحن منها. وجاء في الدر المنثور: وقرن في بيوتكن: يقول لا تخرجن من بيوتكن.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني