الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من أخر طواف الإفاضة عن يوم النحر إلى وقت مغادرة مكة

السؤال

إخواني جزيتم ووالديكم الجنة أرجو التكرم علي بالإجابة على هذه الأسئلة قبل يوم 10 /1 /2006 بورك بكم وجزيتم الخير كله
1 -رجل تحلل التحلل الأصغر ثم تطيب ولبس ملابسه المعتادة وطاف طواف الإفاضة وهو على هذا الحال فما حكم طوافه ؟ طوافه صحيح طوافه غير صحيح عليه دم
2 -وجد الحرم مزدحماَ في يوم العيد فأخر طواف الإفاضة إلى يوم السفر وطاف طواف الإفاضة وطواف الوداع معاَ سبعة أشواط فقط . فما الحكم ؟ فعله صحيح تماماًَ يصح فعله وعليه دم عليه طواف وداع يذهب إلى مكة ويحرم من الحرم
3 -خرج من بلدة ليحج حجة الإسلام وعند الميقات قرر أن يحرم بحجة عن والده المتوفى براً به . فما حكم فعله ؟ جائز غير جائز جائز مع الكراهية .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالظاهر لنا أن هذه أسئلة مسابقة، والموقع لا يعتني بالإجابة عن هذا النوع من الأسئلة، ولكننا نجيب الأخ السائل عنها ليتواصل معنا في أسئلته الأخرى التي تهمه فنقول:

أما السؤال الأول فجوابه: أن طوافه صحيح؛ لأنه قد تحلل التحلل الأول فحل له كل شيء إلا النساء، بل ما فعله هو السنة.

والتحلل الأول يحصل بفعل اثنين من ثلاثة وهي: رمي جمرة العقبة، والحلق أو التقصير، وطواف الإفاضة والسعي إن لم يكن قد قدمه بعد طواف القدوم وهو خاص بالمفرد والقارن، أما المتمتع فلا يمكنه تقديم السعي.

وعليه؛ فمن رمى جمرة العقبة وحلق أو قصر حل له كل شيء إلا النساء فله أن يلبس ويتطيب بما شاء ويطوف للإفاضة ويسعى وهو لابس للمحيط وعليه أثر الطيب ولا شيء عليه.

وأما السؤال الثاني فجوابه

أن تأخير طواف الإفاضة عن يوم النحر إلى وقت مغادرة مكة جائز، ويجزئه عن طواف الوداع، ولا شيء عليه وإن لم ينو به الوداع، كما يجزئه بالأولى إذا نواهما معا، أما إذا نوى الوداع فقط، فإنه لا يجزئه عن طواف الإفاضة، لأن هذا ركن وذاك واجب فهو أعلى منه، ولا يجزئ الأدنى عن الأعلى وهذا مذهب الحنابلة. وإليك نصوص فقهاء المذاهب فيما يتعلق بهذا الموضوع.

قال الشيخ عليش المالكي رحمه الله: حصل طواف الوداع بالإفاضة وبطواف العمرة ولا يكون السعي عقبه طولا حيث لم يقم بعدهما إقامة تبطل حكم التوديع، ويحصل بهما ثوابه إن نواه بهما قياسا على تأدي تحية المسجد بالفرض.

وقال الشيخ البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: وإن أخر طواف الزيارة... أو القدوم فطافه عند الخروج كفاه ذلك الطواف عنهما لأن المأمور به أن يكون آخر عهده بالبيت الطواف وقد فعل، ولأن ما شرع مثل تحية المسجد يجزئ عنه الواجب من جنسه؛ كإجزاء المكتوبة عن تحية المسجد، وكإجزاء المكتوبة أيضا عن ركعتي الطواف وعن ركعتي الإحرام، فإن نوى بطوافه الوداع لم يجزئه عن طواف الزيارة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: وإنما لكل امرئ ما نوى .

وقال البخاري في صحيحه: بَاب الْمُعْتَمِر إِذَا طَافَ طَوَاف الْعُمْرَة ثُمَّ خَرَجَ هَلْ يُجْزِئهُ مِنْ طَوَاف الْوَدَاع؟ وأَوْرَدَ فِيهِ حَدِيث عَائِشَة فِي عُمْرَتهَا مِنْ التَّنْعِيم، وَفِيهِ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ الرَّحْمَن: اُخْرُجْ بِأُخْتِك مِنْ الْحَرَم فَلْتُهِلَّ عُمْرَة ثُمَّ اُفْرُغَا مِنْ طَوَافكُمَا أنتظركما ها هنا، فأتينا في جوف الليل، فقال: فرغتما؟ قلت: نعم. فنادى بالرحيل في أصحابه فارتحل الناس ومن طاف بالبيت قبل صلاة الصبح، ثم خرج موجها إلى المدينة. واعتبر النبي صلى الله عليه وسلم الطواف والسعي شيء واحد. فقال: طوافكما.

قال الحافظ ابن حجر نقلا عن اِبْن بَطَّال: لَا خِلَاف بَيْن الْعُلَمَاء أَنَّ الْمُعْتَمِر إِذَا طَافَ فَخَرَجَ إِلَى بَلَده أَنَّهُ يُجْزِئهُ مِنْ طَوَاف الْوَدَاع، كَمَا فَعَلَتْ عَائِشَة.اِنْتَهَى.

وفي دعوى هذا الاجماع نظر ظاهر، فمذهب الشافعية أنه لا يجزئ.

قال الحافظ: وَكَأَنَّ الْبُخَارِيّ لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي حَدِيث عَائِشَة التَّصْرِيح بِأَنَّهَا مَا طَافَتْ لِلْوَدَاعِ بَعْد طَوَاف الْعُمْرَة لَمْ يَبُتّ الْحُكْم فِي التَّرْجَمَة، أَيْضًا فَإِنَّ قِيَاس مَنْ يَقُول إِنَّ إِحْدَى الْعِبَادَتَيْنِ لَا تَنْدَرِج فِي الْأُخْرَى أَنْ يَقُول بِمِثْلِ ذَلِكَ هُنَا.

وَيُسْتَفَاد مِنْ قِصَّة عَائِشَة أَنَّ السَّعْي إِذَا وَقَعَ بَعْد طَوَاف الرُّكْن - إِنْ قُلْنَا إِنَّ طَوَاف الرُّكْن يُغْنِي عَنْ طَوَاف الْوَدَاع - إِنْ تَخَلُّل السَّعْي بَيْن الطَّوَاف وَالْخُرُوج لَا يَقْطَع إجْزَاء الطَّوَاف الْمَذْكُور عَنْ الرُّكْن وَالْوَدَاع مَعًا.

وعلى من نوى طواف الوداع دون الإفاضة أن يعود إلى البيت ويطوف للإفاضة لأنه ركن، وبفعله يصح حجه بلا خلاف كما قال ابن قدامة في المغني، ولا يجزئ عنه الدم، واختلفوا في وجوب الدم بسبب التأخير والصحيح أنه لا دم عليه. قال الرحيباني في مطالب أولي النهى: وإن أخره أي: طواف الزيارة عن أيام منى، جاز لأنه لا آخر لوقته ولا شيء فيه أي: تأخير الطواف، وعليه قبل الطواف أن يتوقف عن الوطء وما يتعلق بالنساء لأنه لم يحل التحلل الثاني إلى الآن.اهـ

وأما السؤال الثالث:

فالحج عن أبيه قبل أن يحج عن نفسه لا يجزئ عن أبيه بل يقع عن نفسه ولو نواه عن أبيه، ولا شيء عليه في ذلك قال الشيخ البهوتي في كشاف القناع: ومن عليه حجة الإسلام أو عليه حجة قضاء أو نذر لم يصح ولم يجز أن يحج عن غيره؛ لحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول: لبيك عن شبرمة، فقال: حججت عن نفسك ؟ قال: لا. قال: حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة. احتج به أحمد في رواية صالح وإسناده جيد وصححه البيهقي؛ ولأنه حج عن غيره قبل حجه عن نفسه فلم يجز كما لو كان صبيا... فإن فعل بأن حج عن غيره وعليه حجة الإسلام أو أحرم بنذر أو نافلة... انصرف إلى حجة الإسلام في الصور كلها... والعمرة كالحج في ذلك، فمن عليه عمرة الإسلام أو قضاء أو نذر لم يجز ولم يصح أن يعتمر عن غيره ولا نذره ولا نافلته. اهـ

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني