الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

ما حكم هذا الحديث مع التفسير:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من أراد أن يتمثل له الناس قياما فليتبوأ مقعده من النار"صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ‏

فإن الحديث الوارد في نص السؤال صحيح، ولفظه كما في سنن أبي داود ومسند أحمد ‏عن أبي مجلز قال: خرج معاوية على ابن الزبير وابن عامر، فقام ابن عامر، وجلس ابن ‏الزبير، فقال معاوية لابن عامر: اجلس فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ‏‏" من أحب أن يمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار" وللترمذي حديث قريب من ‏هذا معنى، ومعنى الحديث أن من أعجبه قيام الناس له لتعظيمه، فليتخذ لنفسه مكانا في النار ، قال المباركفوري في تحفة الأحوذي : أي فليتخذ لنفسه منزلا يقال تبوأ الرجل المكان إذا اتخذه مسكنا وهو أمر بمعنى الخبر أو بمعنى التهديد أو بمعنى التهكم أو دعاء على فاعل ذلك أي بوأه الله ذلك وقال الكرماني يحتمل أن يكون الأمر على حقيقته والمعنى من كذب فليأمر نفسه بالتبوأ قال الحافظ وأولها أولاها فقد رواه أحمد بإسناد صحيح عن بن عمر بلفظ بنى له بيت في النار .‏
وقد اختلف أهل العلم في قيام الرجال للرجل عند رؤيته: فجوزه بعضهم كالنووي وغيره، ‏ومنعه آخرون، ‏
قال النووي في الأذكار: وأما إكرام الداخل بالقيام، فالذي نختاره أنه مستحب لمن كان ‏فيه فضيلة ظاهرة، ويكون هذا القيام للبر والإكرام والاحترام، لا للرياء والإعظام.‏
ونقل العيني في شرح البخاري عن أبي الوليد ابن رشد أن القيام على أربعة أوجه:‏
‏ الأول: محظور، وهو أن يقع لمن يريد أن يقام إليه تكبراً وتعاظماً على القائمين إليه.‏
الثاني : مكروه، وهو أن يقع لمن لا يتكبر، ولكن يخشى أن يدخله بسبب ذلك ما يحذر، ‏ولما فيه من التشبه بالجبابرة،‏
‏ والثالث: جائز، وهو أن يقع على سبيل البر لمن لا يريد ذلك، ويأمن معه التشبه ‏بالجبابرة.‏
الرابع: مندوب، وهو أن يقوم لمن قدم من سفر فرحاً بقدومه ليسلم عليه، أو إلى من ‏تجددت له نعمة فيهنئه بحصولها، أو مصيبة فيعزيه بسببها. ‏
وقال الغزالي: القيام على سبيل الإعظام مكروه، وعلى سبيل البر والإكرام لا يكره. وقال ‏الحافظ في الفتح: هذا تفصيل حسن، ونحن نميل إلى القول بهذا التفصيل الذي ذكره ‏الغزالي، واستحسنه الحافظ ابن حجر.‏
والله أعلم.‏

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني