الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الذكر أفضل أم الدعاء ؟

السؤال

يقول رب العِزة في الحديث القدسي :"من شغله ذِكري عن مسألتي أعطيته أفضل مما أعطي السائلين"، قاصداً القرآن الكريم، فهل ذكر الله تعالى بالأدعية المأثورة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وعن الصالحين ، والدعاء بأسماء الله الحسنى غير مرغوب فيه؟ وهل يتعارض الحديث القدسي المذكور مع الآية الكريمة"وقال ربكم ادعوني أستجب لكم"؟ وإذا كنت أقضي حوالي الساعتين في الذكر في الصباح ويؤثر ذلك على قيامي بمهام المنزل-إذا استيقظت متأخرة- فما رأي الدين، جزاكم الله تعالى خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحديث المذكور رواه الترمذي من حديث أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الرب عز وجل: من شغله القرآن وذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين، وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه، قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
وقال: المباركفوري في شرح الترمذي : قال الحافظ في الفتح بعد ذكر هذا الحديث: رجاله ثقات، إلا عطية العوفي ففيه ضعف. انتهى. قلت: وفي سنده محمد بن الحسن بن أبي يزيد الهمداني وهو أيضاً ضعيف. قال الحافظ في التهذيب في ترجمته. قال الذهبي: حسن الترمذي حديثه فلم يحسن. انتهى. والحديث أخرجه أيضاً الدارمي والبيهقي في شعب الإيمان ، انتهى من شرح الترمذي.
والحديث ورد أيضاً من حديث عمر رضي الله عنه رواه الطبراني قال الحافظ في الفتح : رواه الطبراني بسند لين .
لكن نقل ابن عراق في تنزيه الشريعة عن الحافظ ابن حجر قوله في أماليه : هذا حديث حسن أخرجه البخاري في خلق أفعال العباد، ولم يصب ابن الجوزي في إيراده في الموضوعات، وإنما استند إلى ابن حبان في ذكره لصفوان في الضعفاء، ولم يستمر ابن حبان على ذلك بل رجع فذكره في الثقات، وكذا ذكره في الثقات ابن شاهين وابن خلفون وقال ابن خلفون: إن ابن معين وثقه، وذكره البخاري في التاريخ فلم يحك فيه جرحاً، وقد ورد الحديث أيضاً من حديث أبي سعيد الخدري أخرجه الترمذي وحسنه، ومن حديث جابر أخرجه البيهقي في الشعب انتهى.
والحاصل أن الحديث مختلف في تضعيفه وتحسينه.
وقد ثبت في الكتاب والسنة الترغيب في الدعاء والأمر به، بل جاء عند أحمد بسند لا بأس به : من لم يدع الله غضب عليه، ولهذا استشكل بعض أهل العلم هذا الحديث القدسي ورأوا أن في ظاهره معارضة لذلك.
قال الزرقاني في شرح الموطأ: واستُشكل حديث " من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين" المقتضي لفضل ترك الدعاء حينئذ، مع الآية المقتضية للوعيد الشديد على تركه. [يعني قوله تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) [غافر:60] وأجيب بأن العقل إذا استغرق في الثناء كان أفضل من الدعاء، لأن الدعاء طلب الجنة، والاستغراق في معرفة جلال الله أفضل من الجنة، أما إذا لم يحصل الاستغراق فالدعاء أولى لاشتماله على معرفة الربوية وذل العبودية، والصحيح استحباب الدعاء ، انتهى.
والتحقيق أنه لا تعارض، فإن الدعاء نوعان: دعاء الثناء ودعاء الطلب، فذكر الله تعالى والثناء عليه دعاء، والمشتغل به محقق لقول الله (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) ولهذا جاء في الحديث : أفضل الدعاء" لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير"، فسمي هذا الثناء والتوحيد دعاء، وكذلك دعاء الكرب، ودعاء أيوب عليه السلام. وهذا الثناء متضمن لدعاء الطلب.
والعبد بحاجة إلى هذين النوعين من الدعاء، والأفضل له أن يجمع بينهما، يبدأ بالثناء ثم يثني بالطلب والسؤال. ولشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كلام طويل نافع جداً في الكلام على دعاء الثناء والمسألة، ننقله هنا بلفظه، من دقائق التفسير له، قال رحمه الله :
والمقصود هنا أن لفظ الدعوة والدعاء يتناول هذا وهذا قال الله تعالى (وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين) وفي الحديث "أفضل الذكر لا إله إلا الله وأفضل الدعاء الحمد لله " رواه ابن ماجه وابن أبي الدنيا ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي وغيره " دعوة أخي ذي النون لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ما دعا بها مكروب إلا فرج الله كربته" سماها دعوة لأنها تتضمن نوعي الدعاء فقوله "لا إله إلا أنت " اعتراف بتوحيد الإلهية ، وتوحيد الإلهية يتضمن أحد نوعي الدعاء فإن الإله هو المستحق لأن يدعى دعاء عباده ودعاء مسألة وهو الله لا إله إلا هو، وقوله (إني كنت من الظالمين) اعتراف بالذنب، وهو يتضمن طلب المغفرة. فإن الطالب السائل تارة يسأل بصيغة الطلب وتارة يسأل بصيغة الخبر. إما بوصف حاله وإما بوصف حال المسؤول وإما بوصف الحالين كقول نوح عليه السلام (رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين) فهذا ليس صيغة طلب وإنما هو إخبار عن الله أنه إن لم يغفر له ويرحمه خسر، ولكن هذا الخبر يتضمن سؤال المغفرة، وكذلك قول آدم عليه السلام (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين) هو من هذا الباب ومن ذلك قول موسى عليه السلام (رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير) فإن هذا وصف لحاله بأنه فقير إلى ما أنزل الله إليه من الخير، وهو متضمن لسؤال الله إنزال الخير إليه ، وقد روى الترمذي وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "من شغله قراءة القرآن عن ذكري ومسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين" رواه الترمذي وقال حديث حسن ورواه مالك بن الحويرث وقال من "شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين" وأظن البيهقي رواه مرفوعا بهذا اللفظ، ، وقد سئل سفيان بن عيينة عن قوله "أفضل الدعاء يوم عرفة لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" فذكر هذا الحديث وأنشد قول أمية بن أبي الصلت يمدح ابن جدعان: أأذكر حاجتي أم قد كفاني * حياؤك إن شيمتك الحياء إذا أثنى عليك المرء يوما * كفاه من تعرضه الثناء قال : فهذا مخلوق يخاطب مخلوقا فكيف بالخالق تعالى ، ومن هذا الباب الدعاء المأثور عن موسى عليه السلام اللهم لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان وبك المستغاث وعليك التكلان، فهذا خبر يتضمن السؤال. ومن هذا الباب قول أيوب عليه السلام (أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين) فوصف نفسه ووصف ربه بوصف يتضمن سؤال رحمته بكشف ضره ، وهي صيغة خبر تضمنت السؤال ، وهذا من باب حسن الأدب في السؤال والدعاء ، فقول القائل لمن يعظمه ويرغب إليه : أنا جائع أنا مريض ، حسن أدب في السؤال ، وإن كان في قوله أطعمني وداوني ونحو ذلك مما هو بصيغة الطلب، طلب جازم من المسؤول فذاك فيه إظهار حاله وإخباره على وجه الذل والافتقار المتضمن لسؤال الحال ، وهذا فيه الرغبة التامة والسؤال المحض بصيغة الطلب ... ووصف الحاجة والافتقار هو سؤال بالحال وهو أبلغ من جهة العلم والبيان، وذلك أظهر من جهة القصد والإرادة ، فلهذا كان غالب الدعاء من القسم الثاني لأن الطالب السائل يتصور مقصوده ومراده فيطلبه ويسأله فهو سؤال بالمطابقة والقصد الأول وتصريح به باللفظ وإن لم يكن فيه وصف لحال السائل والمسؤول، فإن تضمن وصف حالهما كان أكمل من النوعين فإنه يتضمن الخبر والعلم المقتضي للسؤال والإجابة، ويتضمن القصد والطلب الذي هو نفس السؤال فيتضمن السؤال والمقتضي له والإجابة كقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه لما قال له علمني دعاء أدعو به في صلاتي فقال: "قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم". أخرجاه في الصحيحين ، فهذا فيه وصف العبد لحال نفسه المقتضي حاجته إلى المغفرة، وفيه وصف ربه الذي يوجب أنه لا يقدر على هذا المطلوب غيره وفيه التصريح بسؤال العبد لمطلوبه وفيه بيان المقتضي للإجابة وهو وصف الرب بالمغفرة والرحمة فهذا ونحوه أكمل أنواع الطلب، وكثير من الأدعية يتضمن بعض ذلك كقول موسى عليه السلام (أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين) فهذا طلب ووصف للمولى بما يقتضي الإجابة وقوله: (رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي) فيه وصف حال النفس والطلب، وقوله: (إني لما أنزلت إلي من خير فقير) فيه الوصف المتضمن للسؤال بالحال. فهذه أنواع ، لكل نوع منها خاصة. بقي أن يقال: فصاحب الحوت ومن أشبهه لماذا ناسب حالهم صيغة الوصف والخبر دون صيغة الطلب؟ فيقال: لأن المقام مقام اعتراف بأن ما أصابني من الشر كان بذنبي فأصل الشر هو الذنب، والمقصود دفع الضر والاستغفار جاء بالقصد الثاني ، فلم يذكر صيغة طلب كشف الضر لاستشعاره أنه مسيء ظالم وهو الذي أدخل الضر على نفسه فناسب حاله أن يذكر ما يرفع سببه من الاعتراف بظلمه ، ولم يذكر صيغة طلب المغفرة لأنه مقصود للعبد المكروب بالقصد الثاني بخلاف كشف الكرب، فإنه مقصود له في حال وجوده بالقصدالأول؛ إذ النفس بطبعها تطلب ما هي محتاجة إليه من زوال الضرر الحاصل من الحال قبل طلبها زوال ما تخاف وجوده من الضرر في المستقبل بالقصد الثاني، والمقصود الأول في هذا المقام هو المغفرة وطلب كشف الضر، فهذا مقدم في قصده وإرادته، وأبلغ ما ينال به رفع سببه فجاء بما يحصل مقصوده ،انتهى كلامه رحمه الله.
فالجمع بين الثناء والدعاء أفضل وأكمل من الاقتصار على الدعاء وحده .
وقال ابن القيم رحمه الله في الوابل الصيب:
الفصل الثاني: الذكر أفضل من الدعاء ، الذكر ثناء على الله عز وجل بجميل أوصافه وآلائه وأسمائه، والدعاء سؤال العبد حاجته فأين هذا من هذا ؟! ولهذا جاء في الحديث "من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطى السائلين" ولهذا كان المستحب في الدعاء أن يبدأ الداعي بحمد الله تعالى والثناء عليه بين يدي حاجته ثم يسال حاجته كما في حديث فضالة بن عبيد أن رسول الله سمع رجلا يدعو في صلاته لم يحمد الله تعالى ولم يصل على النبي فقال رسول الله "عجل هذا، ثم دعاه فقال له أو لغيره : إذا صلى أحدكم فليبدأ بتمجيد ربه عز وجل والثناء عليه ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو بعد بما شاء" رواه الامام احمد والترمذي وقال حديث حسن صحيح ورواه الحاكم في صحيحه وهكذا دعاء ذي النون عليه السلام قال فيه النبي "دعوة أخي ذي النون ما دعا بها مكروب إلا فرج الله كربته لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" وفي الترمذي "دعوة أخي ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت لا اله إلا أنت سبحانك أني كنت من الظالمين فانه لم يدع بها مسلم قط إلا استجاب له" وهكذا عامة الأدعية النبوية على قائلها أفضل الصلاة والسلام ، ومنه قوله في دعاء الكرب "لا اله إلا الله العظيم الحليم لا اله إلا الله رب العرش العظيم لا اله إلا رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم" ومنه حديث بريدة الأسلمي الذي رواه أهل السنن وابن حبان في صحيحه أن رسول الله سمع رجلا يدعو وهو يقول: "اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا اله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد فقال: "والذي نفسي بيده لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى" وروى أبو داود والنسائي من حديث أنس أنه كان مع النبي جالسا ورجل يصلي ثم دعا اللهم إنى أسالك بأن لك الحمد لا اله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض ياذا الجلال والإكرام يا حي ياقيوم فقال النبي صلى الله عليه وسلم"لقد دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى" فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الدعاء يستجاب إذا تقدمه هذا الثناء والذكر، وأنه اسم الله الأعظم ، فكان ذكر الله عز وجل والثناء عليه أنجح ما طلب به العبد حوائجه، وهذه فائدة أخرى من فوائد الذكر والثناء أنه يجعل الدعاء مستجابا فالدعاء الذي تقدمه الذكر والثناء أفضل وأقرب إلى الإجابة من الدعاء المجرد فإن انضاف إلى ذلك إخبار العبد بحاله ومسكنته وافتقاره واعترافه كان أبلغ في الإجابة وأفضل، فإنه يكون قد توسل المدعو بصفات كماله وإحسانه وفضله، وعرض بل صرح بشدة حاجته وضرورته وفقره ومسكنته فهذا المقتضي منه، وأوصاف المسؤول مقتضي من الله فاجتمع المقتضي من السائل والمقتضي من المسؤول في الدعاء وكان أبلغ وألطف موقعا وأتم معرفة وعبودية ، وأنت ترى في المشاهد - ولله المثل الأعلى- أن الرجل إذا توسل إلى من يريد معروفه بكرمه وجوده وبره، وذكر حاجته هو وفقره ومسكنته كان أعطف لقلب المسؤول وأقرب لقضاء حاجته فإذا قال له: أنت جودك قد سارت به الركبان، وفضلك كالشمس لا تنكر، ونحو ذلك وقد بلغت بي الحاجة والضرورة مبلغا لا صبر معه ونحو ذلك، كان أبلغ في قضاء حاجته من أن يقول ابتداء: أعطني كذا وكذا، فإذا عرفت هذا فتأمل قول موسى في دعائه (رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير) وقول ذي النون في دعائه (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) وقول أبينا آدم (ربنا ظلمنا أنفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكون من الخاسرين) وفي الصحيحين أن أبا بكر الصديق قال يارسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي فقال: "قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم" فجمع في هذا الدعاء الشريف العظيم القدر بين الاعتراف بحاله والتوسل إلى ربه عز وجل بفضله وجوده وأنه المنفرد بغفران الذنوب ثم سأل حاجته بعد التوسل بالأمرين معا فهكذا أدب الدعاء وآداب العبودية ، انتهى كلام ابن القيم رحمه الله.
وينبغي أن توازني بين محافظتك على الذكر ، وبين قيامك بمهام البيت ، والقصد القصد تبلغوا.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني