الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

النهي والزجر عن تتبع عثرات الأهل وتخونهم

السؤال

ما حكم الشرع بزوج يقوم بإرسال أشخاص للاتصال بزوجته هاتفيا لكي يتحرشوا بها محاولا إثبات سوء أخلاقها وبعد يأس من ذلك أرسل شقيقه بحجه حل مشاكلهم الزوجيه ولإقامة علاقه مع زوجته ليثبت أنها زوجة غير صالحة حيث اتصل الزوج بالزوجة طالبا منها الحضور إلى مكتبه بالشركة وعندما ذهبت لم تجده ووجدت الأخ وأحست بأن الزوج موجود ولكنه مختبئ في إحدى الغرف وقام الأخ بإمساك الزوجة من يدها ونهرته وصرخت وطلبت الخروج وذهبت إلى بيتها ولم ينجح الزوج بذلك أيضا لأنها امرأة متدينة وعفيفة قد حاولوا بشتى الطرق، ولكن الله حمى هذه المرأة، علما بأن الزوج قام بذلك لكي يتزوج من أخرى، ولكنه يريد أن يثبت للناس بأنها هي سيئة السمعة قبل أن يتزوج، ما حكم الشرع بما قام به الزوج وشقيقه وما قيل عنها من كلام بعرضها وشرفها، أفيدونا؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فكان على ذلك الزوج أن يعلم أن الأصل في المسلمين عموماً السلامة من الفواحش والآثام، وأن الله تعالى قد نهى عن إساءة الظن بالمؤمنين، وعن التجسس عليهم، وعن تتبع زلاتهم وعثراتهم، لقوله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا {الحجرات:12}، قال ابن حجر الهيتمي: ففي الآية النهي الأكيد عن البحث عن أمور الناس المستورة وتتبع عوراتهم.

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ولا تجسسوا ولا تحسسوا. رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة، وقد ورد الوعيد الشديد لمن فعل ذلك، فقد أخرج أبو داود عن أبي برزة الأسلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه: لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإن من اتبع عوراتهم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه في بيته. قال الألباني: حسن صحيح.

ويتأكد هذا في حق الزوجة لما لها من حق على الزوج، وقد ورد النهي خصوصاً عن تتبع عثرات الأهل أو تخونهم، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يطرق الرجل أهله ليلاً، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره أن يأتي الرجل أهله طروقاً. متفق عليه. وفي رواية مسلم: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطرق الرجل أهله ليلا يتخونهم أو يتلمس عثراتهم. فبان من هذا كله أن ما فعله هذا الزوج مخالف لتعاليم دين الإسلام وقيمه.

وأما ما فعله أخوه فإنه -زيادة على كونه تعاوناً مع أخيه فيما لا يحل- فإنه أيضاً قد اشتمل على محظورين آخرين: الأول: أنه خلا بامرأة أجنبية، وقد ورد في الصحيحين من حديث ابن عباس أنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يقول: لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم.

الثاني: أنه قام بإمساك المرأة من يدها، وقد ورد عن معقل بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له. رواه الطبراني والبيهقي. وأورده الألباني في السلسلة الصحيحة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني