الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الأخذ بالمذهب الحنفي في مسألة تزويج المرأة نفسها

السؤال

هل يجوز للمرأة المطلقة أن تزوج نفسها، إني من شمال إفريقيا ومذهبي مالكي، فهل يجوز لي أن أستند إلى المذهب الحنفي الذي يجوز للمرأة المطلقة تزويج نفسها أي دون حضور والدها، شيوخي الكرام أنا التي أرسلت لكم السؤال رقم "2138031" ومراعاة للمصلحة العامة، فهل يجوز لي أن أعاود عقدي مع زوجي الثاني التي أنا معه حاليا وذلك بحضور الشهود والمهر دون إعلام والدي بما جرى أو بالعقد حتى وذلك مراعاة لأهلي الذين لا يعلمون قصتي ولا أريدهم أن يعلموها أرجو أن تفهموني؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فأما سؤالك عما إذا كان يجوز للمرأة المطلقة أن تزوج نفسها، فجوابه أن ذلك لا يجوز لها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل. كما في المستدرك وصحيح ابن حبان عن عائشة رضي الله عنها، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل، وما كان من نكاح على غير ذلك فهو باطل... كما في صحيح ابن حبان عن عائشة رضي الله عنها، ويفسخ النكاح لأن عمر رضي الله عنه رد نكاح امرأة نكحت بغير ولي؛ كما في سنن البيهقي.

وأما قولك إنك من شمال إفريقيا ومذهبك مالكي، وتسألين عما إذا كان يجوز لك أن تستندي إلى المذهب الحنفي الذي يبيح للمرأة تزويج نفسها، فجوابه أن المذهب الحنفي مرجوح في هذه المسألة، لما بيناه من الأدلة، ولا يجوز لمن اطلع على مرجوحيته من الحنفية أنفسهم أن يقلده، لوجوب العمل بالراجح في المسائل الفقهية، فاستنادك إليه في هذه المسألة هو من تتبع رخص المذاهب والجري وراءها دون سبب من الأسباب المعتبرة، وذلك قد عده أهل العلم هروباً من التكاليف، وهدما لبنيان الدين، ونقضا لمقاصد الشرع المرعية في الأوامر والنواهي الشرعية، وقد اعتبر العلماء هذا العمل فسقاً لا يحل ارتكابه، وحكى ابن حزم الإجماع على ذلك، وقال في الإحكام نقلاً عن سليمان التيمي: لو أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله. ونقل ابن تيمية عن ابن عبد البر أنه قال: هذا إجماع لا أعلم فيه خلافاً.

وأما تذكيرك بأنك التي أرسلت إلينا السؤال رقم (2138031) وتسألين الآن عما إذا كان يجوز لك أن تعاودي عقدك مع الزوج الثاني دون إعلام والدك، فجوابه في الفتوى التي أشرت إلى رقم سؤالها، وفيما ذكرناه الآن أيضاً.

ولكن إذا كان الحامل لك على جميع هذا هو الحرص على إخفاء أمرك عن أبيك وأهلك، فما المانع الآن من أن يعتزلك هذا الزوج الذي معك، وتنتظرا معا انقضاء عدتك من النكاح الأول، واستبراءك من وطء الزوج الحالي، ثم يتقدم الزوج الجديد لخطبتك من أبيك مدعيا أنه يوسوس في صحة العقد الأول، وأنه الآن يريد تأكيده بعقد لا يشك في صحته؟ فهذه طريقة ليس فيها حرج، ولا نرى أن أباك سيرفضها طالما أنه قد رضي بهذا الرجل زوجاً لك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني