الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاقتراض بفائدة لشراء أسهم

السؤال

أشتغل بمؤسسة لها فرع مالي مختص بأنشطة البورصة، اقترحت علي هذه المؤسسة، كامتياز تمنحه للعاملين بها، شراء أسهم لي (تتعلق بشركة يتم إدخال رأسمالها للبورصة وذات طابع تجاري حلال) فتتكفل المؤسسة بدفع ثمن شراء الأسهم؛ لكن مقابل فائدة 5% تطبق على ثمن الشراء الأصلي للأسهم وتقوم باستخلاصها عندما أبيع الأسهم وتمنحني الفائض، سؤالي يخص ثلاث محاور:ـ ما حكم التعامل بالأسهم، خصوصا إذا اشتريتها وبعتها بعد مدة وجيزة بغية جني الربح.- ما حكم القرض الذي أقرضتني المؤسسة التي أشتغل بها مقابل فائدة لغرض، شراء الأسهم.ـ ما حكم الفائض الذي جنيته من هذه العملية، وإذا كان حراما فماذا أفعل به، علما بأني علي ديون مستحقة لأصحابها، المرجو إجابتي عن الأسئلة الثلاثة مع ذكر هيئة الإفتاء أو المفتي؟ وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فيشترط لإباحة التعامل بالأسهم ثلاثة شروط:

الأول: أن يكون النشاط الذي تزاوله الشركة مباحاً كتقديم الخدمات المباحة، وكبيع الأجهزة والمواد المباحة والسيارات وغيرها.

الثاني: ألا تكون الشركة تتعامل بالربا إقراضاً أو اقتراضاً، وهذا لا يسلم منه إلا قليل من الشركات.

الثالث: أن تكون هذه الأسهم لشركة تمارس نشاطاً تجارياً فعليا وليست في مرحلة التأسيس والاكتتاب وإلا كانت هذه الأسهم لا تزال نقوداً، ويشترط في التعامل فيها ما يشترط في الصرف -تبادل العملات- وجملة ذلك شرطان:

1- التماثل إذا بيع النقد بجنسه، فإن بيع بغير جنسه فلا يشترط التماثل.

2- والتقابض في الحال ولو اختلف الجنسان، جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي في دورة مؤتمره الرابع: إذا كان مال القراض المتجمع بعد الاكتتاب، وقبل المباشرة في العمل بالمال ما يزال نقوداً، فإن تداول صكوك -أسهم- المقارضة يعتبر مبادلة نقد بنقد، وتطبق عليه أحكام الصرف. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 35468، والفتوى رقم: 61670.

فإذا توفرت هذه الضوابط السابقة فلا حرج في التجارة في الأسهم ولو تم بيعها بعد فترة وجيزة من شرائها، ولا يجوز أخذ قرض بفائدة لأن هذا تعامل ربوي صريح، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ {البقرة:278-279}، ولعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء. رواه مسلم.

وإذا اقترض المسلم قرضاً ربوياً واشترى به أسهماً أثم بذلك، ووجب عليه أن يتوب إلى الله، ولكن ما حصله من أرباح هذه الأسهم لا يحرم عليه إلا إذا كانت هذه الأسهم لشركات تتاجر بالمحرمات كشركات الخمور والخنازير والسينما ونحو ذلك، أو كانت شركات أصل عملها مباحاً ولكن تمارس الربا إقراضاً واقتراضاً فيحرم عليه من أرباحها بقدر ما تمارس من الربا، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 68881، والفتوى رقم: 73977.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني