الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم بيع المسجد لكونه ضاق بأهله

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
السادة العلماء الأفاضل:نحن نقطن في مدينة متوسطة الحجم بأميركا وتسمى ايفانسفيل بولاية انديانا، وعدد سكان المدينة وما حولها يقارب مائة وخمسين ألف نسمة تقريبا، وعدد المسلمين في هذه المنطقة حاليا يقرب من المائتي عائلة، منذ حوالي ستة عشر عاما قام المسلمون في هذه المنطقة بشراء قطعة أرض صغيرة بجوار كنيسة كبيرة الحجم ووفقهم الله وقاموا ببناء مسجد عليها وهو المسجد الحالي ويعد المسجد الوحيد في هذه المنطقة، ومع مرور الوقت أصبحت الحاجة ملحة لتوسعة هذا المسجد ودواعي التوسعة كالآتي:
أولا: بالرغم من أن مصلى الرجال كاف حتى لصلاة الجمعة بل يتسع للمزيد إلا أن مصلى النساء الملحق بالمسجد غير كاف مما يترتب عليه مزاحمة النساء للرجال في مصلاهم أحيانا كصلاة التراويح وصلاة العيدين وفي هذا بعض الحرج لكلا الطرفين.
ثانيا: المسجد يستعمل أيضا كمدرسة لأبناء المسلمين في عطلة نهاية الأسبوع لتعليم القرآن ومبادئ الدين الحنيف، ولكن لا توجد حجرات كافية ولذا فنقوم بالتدريس داخل المسجد.
ثالثا: ليس هناك متسع لأي نشاط اجتماعي في هذا المركز الإسلامي ليسع الجميع وينتهي بنا الأمر غالبا إلى استئجار مبنى ملحق بالكنيسة المجاورة لإقامة هذا النوع من النشاطات.
رابعا: مكان إيقاف السيارات غير كاف خاصة عند صلاة الجمعة والأعياد علما بأن المصلين لا يستطيعون الذهاب إلى المسجد بدون سياراتهم الخاصة وذلك لبعد المسافات عن المسجد.
خامسا: التوسع في المسجد الحالي غير متاح بسبب عدم توفر الأرض اللازمة حيث إن المسجد محاط بجانبيه بشارعين ومن الجانبين الأخريين بالكنيسة ومبنى آخر، وبناء عليه فلا نستطيع توسعته من أي جانب، بسبب هذه الأمور المتقدمة فقد قمنا بتوفيق الله بجمع مبلغ من المال واشترينا قطعة أرض كبيرة تقع بالجهة الأخرى من المدينة وذلك لبناء المسجد الجديد عليها، وكذلك ملحقاته كالمدرسة ومكان للأنشطة الإسلامية والإجتماعية، والمشكلة التي نواجهها الآن هي: هناك رغبة شديدة لدى الجميع من مختلف الجنسيات في الإبقاء على مركز إسلامي وحيد في هذه المدينة منعا للتفرقة وخصوصا أن عدد المسلمين الحالي لا يحتاج لأكثر من مسجد، والسؤال الذي نريد أن نطرحه بين أيدي فضيلتكم هو: هل يجوز بيع المسجد القديم علما بأن ثمنه سيستغل بالكامل في بناء المسجد الجديد وسيضاف إلى ذلك ثلاثة أضعاف ثمنه من المتبرعين، الأمر الثاني: وهو المهم في هذه الفتوى، هل يجوز بيع المسجد القديم للكنيسة المجاورة ولا ندري ماذا سيفعلون بالمبنى بعد بيعه لهم فلهم حق التصرف فيه بكامل الوجوه من حيث جعله موقفا للسيارات بعد هدمه أو الإبقاء عليه كمكان ملحق بالكنيسة فلهم حق التصرف فيه كما يحلو لهم، نرجو من علمائنا الأفاضل الإسراع بالإجابة على هذا السؤال لأهميته وأن تكون الإجابة مدعومة بالأسانيد الفقهية؟ وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالمسجد إذا بُني وأذن للناس بالصلاة فيه، صار وقفا لله تعالى، ولا يجوز بعد ذلك هدمه ولا بيعه ولا نقله إلى مكان آخر... وهذا هو ما عليه جماهير أهل العلم، وقال البعض بأنه إن وجدت مصلحة راجحة في بيعه أو هدمه ونقله، كأن يهجر وتتعطل منافعه، أو يضيق عن أهله فإنه ينقل إلى موضع آخر أو يباع أو يفعل به ما تقتضيه المصلحة، وقد بينا من قبل أن هذا هو القول الراجح في المسألة، ولك أن تراجع فيه الفتوى رقم: 28824، والفتوى رقم: 6658.

ولا شك في أن ما ذكرته من تبريرات يعتبر مسوغاً لما أردتموه من بيع المسجد، لما بينته من المصلحة المتوخاة من ذلك، وعليه فلا نرى حرجاً في بيع المسجد واستغلال ثمنه في بناء المسجد الجديد، وأما ما سألت عنه من بيعه للكنيسة، فذلك ما لا نراه صواباً، لأنه من إعانة الكفار على ما هم فيه من الباطل، والله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}، وقال ابن تيمية رحمه الله: وأما مذهب أحمد في الإجارة لعمل ناقوس ونحوه، فقال الآمدي لا يجوز، رواية واحدة، لأن المنفعة المعقود عليها محرمة، وكذلك الإجارة لبناء كنيسة، أو بيعة، أو صومعة، كالإجارة لكتب كتبهم المحرفة. انتهى من -اقتضاء الصراط المستقيم-.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني