الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ركن الإجارة الأصيل التراضي على العمل وعلى الأجر

السؤال

الأجور في السوق تترواح بين 5 آلاف7 أعمل بـ 5، ولما طالبت الكفيل بزيادة رفض، طلبت نقل الكفالة رفض بحجة أنه جلبني من بلدي للعمل معه، وهذا صحيح ومتفقان على الأجر، ولكن الظروف تتغير فهل من حقه شرعا رفض نقل الكفالة ووضعي بين خيارين: إما العمل وأنا أحتاج أن أظل في هذا البلد لظروف بلدي السيئة، وإما تسفيري، ألا يعد ذلك استغلالا لحاجة العامل للعمل، وهل أنا بذلك عندي عدم رضا، وما هي الصورة الشرعية الصحيحة في هذا النوع من المشكلات للحل، وهذه مشكلة عامة فأرجو التركيز عليها، مع العلم بأنه زاد في راتبي من 3 إلى 5 حتى اليوم طوال فترة العمل.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فليعلم الأخ السائل أن العلاقة بينه وبين الشخص الذي استقدمه للعمل عنده هي علاقة إجارة، وهذه العلاقة قائمة على التراضي الذي لا يحل حراماً، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ {النساء:29}، والإجارة لها أحكام البيع لأنها في حقيقتها بيع منافع، فركنها الأصيل التراضي على العمل وعلى الأجر.

فإذا حصل ذلك وتم العقد، فالعقد لازم للطرفين حتى تنقضي المدة المتفق عليها، ومعنى لزوم الإجارة أن صاحب العمل لا يملك فسخ العقد قبل انقضاء مدته، فإن فسخه لزمه أجرة المدة كاملة يدفعها للعامل، وإن كان الفسخ من العامل مع قدرته على العمل لم يستحق شيئاً لما عمل قبل، كما جاء في مطالب أولي النهى من كتب الحنابلة: ... أو امتنع الأجير لعمل من تكميل العمل فلا أجرة له لما عمل قبل. انتهى.

وعليه؛ فليس أمام الأخ السائل إلا أن يفي بالعقد حتى انقضاء مدته، فإذا انقضت وأراد صاحب العمل نقل كفالته فهذا عمل مستحب لما فيه من إعانة المسلم، لكن لا يكون ذلك واجباً عليه، وإن أراد أن يجدد العقد معه فيتفقان على أجرة محددة ولا يشترط أن يكون العامل مقتنعاً بالأجرة.

ولو كان هذا شرطاً في العقود لما استقامت أحوال الناس، فإن أكثر الخلق غير مقتعنين بأجورهم ويطمحون إلى أكثر منها، وإنما الشرط هو التراضي على الأجرة، والرضا هو قصد العقد دون أن يشوبه إكراه، ولما كان الرضا أمراً خفياً لا يطلع عليه أحد أنيط الحكم بسبب ظاهر وهو الصيغة التي هي الإيجاب والقبول، فإذا حصل إيجاب وقبول بقول أو فعل أو إشارة انعقد العقد وترتبت عليه آثاره.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني