الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

لي أخت توفي زوجها وعندها أولاد وكانت والدته على قيد الحياة .
كان الزوج مسجلا على شقة سكنية من خلال جمعية سكنية ولما توفي كان قد سدد جزءا بسيطا من المبلغ ومن ثم أكملت أختي دفعات الجمعية حتى استلمت الشقة بعد وفاة زوجها بحدود عشر سنوات هذا كما توفيت والدة زوجها بعد زوجها بحدود العام ولكن بقيت الشقة باسم زوجها . والآن يطلب أشقاء زوجها نصيبهم من الشقة .
الرجاء التكرم بإعطاء الرؤية الشرعية حول ذلك مع العلم أن أختي تملك إيصالات بالدفع بعد الوفاة باسمها و باعت مصاغها كنوع من أحد الدفعات للشقة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمادام الزوج المتوفى -رحمه الله- قد اشترى هذه الشقة فقد صارت ملكا له تورث عنه ولو لم يدفع إلا جزءا بسيطا من ثمنها ، فإن دفع الثمن ليس شرطا في انتقال الملكية، وغاية الأمر أن يكون هذا الثمن دينا عليه يستوفى من تركته قبل قسمتها ، لعموم قوله : ( مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ )(النساء: من الآية11).

وبما أن أختك هي التي قامت بدفع هذا الثمن المتبقي فإن دفعته غير متبرعة به ، فقد صار لها دين على المتوفى يستوفى من تركته -إذا كان المتوفى ترك مالاً يسع لذلك- ثم تُقسم التركة بما في ذلك الشقة -: لأم المتوفى السدس وورثتها يحلون محلها في ذلك ، وللزوجة الثمن ، وذلك لوجود الفرع الوارث ، وما بقي قسم على سائر الورثة حسب الفريضة الشرعية للميراث فإذا كان أولاد المتوفى ذكورا وإناثا فإن ما بقي بعد فرض أمه وفرض زوجته يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، والأصل في ذلك قوله تعالى: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ {النساء: من الآية11} ، و قوله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء: 12} وقوله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ {النساء: 11}.

وإذا كان المتوفى لم يترك إلا هذه الشقة ، فمن الحلول أنه إذا اتفق الورثة على اقتسام منافعها بينهم بأن يسكن كل واحد منهم فيها مدة أو يؤجرها لغيره فإن ذلك لهم ،وإن لم يتفقوا وطلب أحدهم بيع بعض نصيبه وامتنع الآخرون من شرائه ، فإنها تباع ، ولمن شاء من الورثة أختك أو غيرها أن يشتريها ، ثم تستوفي أختك ما لها من دين من ثمنها ، وما بقي يقسم حسب الفريضة الشرعية كما تقدم.

ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني