الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تسجيل العقار باسم الزوجة هل يعطيها الحق في تملكه

السؤال

سماحة الشيخ الفاضل حفظك الله تعالى:
نرجو التكرم ببيان فتواكم حول شرعية المسألة التالية، وما هو حكمها من الناحية الشرعية والتي نبينها لسماحتكم وفقا للنقاط التالية:
1- هناك من يملك عقاراً (قطعة أرض) اشتراه من ماله الخاص وقام بتسجيل هذا العقار باسم زوجته دون أن تدفع من ثمنه أي مبلغ نتيجة ضرورة حصوله على إذن لتسجيل العقار باسمه كونه ليس مواطنا.2- بعد عدة سنوات من تسجيل العقار باسم الزوجة أتيح لها متابعة الدراسة في الخارج للحصول على شهادة عليا وقد وافق الزوج على إكمال الزوجة دراستها وقام بدفع مبالغ من ماله الخاص أيضا لتستطيع الزوجة متابعة دراستها (من تذاكر سفر وأجور مبيت ومأكل ومسكن وما يحتاجه الناس عادة من مصاريف وتكاليف) ورافقها للخارج لتأمين احتياجات ومتطلبات الدراسة.3- في السنة التالية تقريبا احتاجت الأسرة لمبلغ من المال لغايات متابعة مرحلة الدراسة، والذي ما كانوا يحتاجون إليه لولا موضوع الدراسة في الخارج المذكور، فقام والد الزوجة بدفع مبلغ من المال ليغطي جزءا من تكاليف ومتطلبات السفر والإقامة في الخارج عندئذ طلب الزوج من والد زوجته أن يشتري العقار المشار إليه أعلاه (المسجل باسم الزوجة) إلا أن والد الزوجة لم يقبل ذلك.4- بعد ذلك قام والد الزوجة بدفع بعض المبالغ النقدية على مراحل وسدد بعض الدين الذي كان مستحقا على الزوج على مراحل أيضا (وذلك خلال السنتين الثانية والثالثة من مدة الإقامة في الخارج التي استمرت حوالي خمس سنوات تقريبا) نتيجة عدم استطاعة الزوج تأمين تكاليف الدراسة في الخارج والوفاء بكافة إلتزاماته بنفس الوقت خاصة وأن أسرته جميعا قد سافرت للالتحاق بالزوجة التي كانت تتابع الدراسة في الخارج مما تطلب معه تكاليف ومصاريف كبيرة لم يستطع معها الوفاء بكل التزاماته وقد سخر الزوج كل دخله ومدخراته لمتابعة موضوع الدراسة، كما قامت عائلة الزوج بدفع مبالغ أيضا على مراحل لمتابعة الدراسة. 5- في كل مرة كان يقوم الزوج بعرض العقار على والد زوجته للشراء لم يوافق الأخير في أية مرة كان يضمهما مجلس واحد بحجج أنه لا يرغب فيه وأن العقار لا يفي وأنه على حد تعبيره (ما يساوي) ولم يقبل شراء العقار في أية مرة عرض عليه، بل إنه وفي إحدى زيارات الزوجة لأهلها من الخارج طلب إليها زوجها أن تقوم بفراغ العقار لوالدها مقابل الثمن إلا أن والد الزوجة لم يوافق على ذلك أيضا في حينه.6- تتابعت الأيام وبعد عودة الأسرة من السفر وقد حصلت الزوجة على الدرجة العلمية التي سافرت من أجلها (استمر السفر والإقامة في الخارج لحوالي خمس سنوات) قامت بإخبار زوجها أن والدها لم يرغب في شراء العقار وأنه يجعله (نقوطا) بمناسبة الحصول على الشهادة العلمية، قام الزوج بإبلاغ زوجته أنه يرغب في بيع العقار وسداد ما لوالدها من مبلغ إلا أنه وبعد حوالي السنتين من ذلك التاريخ وبعد ارتفاع ثمن العقارات وبناءاً على طلب والدها كما أخبرت قامت الزوجة بتنظيم وكالة لشقيقها ليقوم بدوره بالفراغ والتنازل عن العقار لوالده (والد الزوجة) وتم ذلك دون علم الزوج أو إطلاعه على الأمر أو أخذ موافقته ودون دفع ما يستحقه العقار من ثمن أو بدل بتاريخ التنازل وعندما علم الزوج بذلك سألها عن ذلك فأجابت أنها قامت بذلك لتتلافى أقوال والدتها التي وصفت الزوج بأنه نصب على والدها بالمبالغ التي دفعها بمناسبة دراسة الزوجة في الخارج. 7- عندما قام الزوج بعرض ما يستحق من مبلغ على والد زوجته والذي دفعه على مراحل كما هو مبين أعلاه رفض الأخير قبول المبلغ وأصر على الاحتفاظ بالعقار لنفسه باعتباره صاحب الحق فيه ورفض أيضا أن يدفع ثمنه وفقا لما هو يستحقه بتاريخ الفراغ والتنازل. 8- فما رأيكم بهذه المسألة ومدى صحة قيام الزوجة بالتنازل لوالدها عن العقار بالطريقة المشار إليها ومدى موافقة احتفاظ الوالد للعقار وهو يعلم وقد علم بكل ما جرى ووفقا للوقائع المبينة أعلاه، وما حكم من تنازل عن العقار وحكم البيع والفراغ الذي تم كل ذلك من ناحية شرعية، وهل يحق للزوج شرعا المطالبة بإعادة العقار مقابل دفع ما لوالد زوجته من مبلغ سبق له ودفعه بمناسبة الدراسة في الخارج خاصة وأنه لم يكن بينهما أي اتفاق؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فللجواب عن هذا السؤال نريد أن نشير إلى جملة من الأمور وهي:

1- أن قيام الزوج بستجيل العقار باسم زوجته لا يعطيها الحق في تملكه، وإنما هو باق على ملكه ولو كان غير مواطن.

2- أن الزوج والأب ليس أي منهما ملزماً شرعاً بدفع رسوم دراسة البنت، ومن دفع منهما شيئاً من ذلك عد متبرعاً به.

3- أن ما دفعه الأب عن زوج ابنته من نفقات وتسديده لما سدده عنه من الديون، إن كان فعله مجاناً فليس له أخذ عوض عنه بعد، وإن كان إنما فعله ليرجع عليه بمثله فله ذلك، ولكن بشرط أن يحلف إذا لم يكن أشهد عليه.

قال الدسوقي: فإذا ادعى المنفق عليه أن الإنفاق صلة، وادعى المنفق أنه لم يقصد صلة، بل قصد الرجوع أو لم يقصد شيئاً، فالقول قول المنفق بيمين.. فيحلف أنه أنفق ليرجع... ومحل حلفه ما لم يكن أشهد أنه حين الإنفاق أنفق ليرجع، وإلا فلا يمين. وبناء على جميع ما ذكر، وعلى المعطيات التي وردت في السؤال، فإن العقار المذكور باق على ملكية الزوج وليس لأبي الزوجة ولا لغيره أن يأخذه إلا برضا من المالك، ومن حق أبي الزوجة أن يرجع على الزوج بما له عليه من الديون بالشروط التي بيناها من قبل، ونعتقد أن في هذا القدر رداً على جميع الأسئلة المطروحة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني