الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل في ما يجب على العامل وصاحب العمل تجاه بعضهما

السؤال

مشكلتي كالآتي: قبل خمس سنوات ( في أوروبا) اشتغلت بمطعم, وكانت مديرة المطعم (غير مسلمة) امرأة ظالمة وقاسية وبخيلة وتحب المال وكانت دائما تخصم من أجرتي- بسبب وبدون سبب- التي أتقاضاها كل آخر الأسبوع, فمرة تدعي أني كسرت كأسا وستخصم ثمنه ومرة تقول إنها تتذكر أني اشتغلت 10 ساعات هذا الأسبوع, والحقيقة ليس كذلك، المهم أني ضقت ذرعا بظلمها وخاصة عند الإنقاص من أجرتي التي أتعب جداً وأعمل كثيراً من أجلها، وكانت هناك صديقة تشتغل معي وقد أشارت علي بأن نحتال عليها ونأخذ حقنا مثلما هي تحتال علينا، وطريقة الاحتيال هي إذا أتى وقت استلام الأجرة آخر الأسبوع وقامت المديرة بسؤالنا: كم ساعة اشتغلت هذا الأسبوع، فنجيبها بالزيادة لنسترجع ما تخصمه منا دون علمها، فأحيانا أشتغل 11ساعة ولكن أقول لها أني اشتغلت 13ساعة..... وأوصلت هكذا, وكنت أجهل حينها أن ذلك حرام، وكان الأولى أن آخذ حقي بعلمها ورضاها وليس بالحيلة، وقد اشتغلت عندها مدة سنتين وانقطعت، والآن لا أعلم هل الأموال التي أخذتها بالحيلة تتساوي مع ما خصمته مني أم تفوقها! فلا أستطيع تحديد ذلك، كما أني لا أريد إخبارها وأستحي جداً أن أخبرها الآن بذلك، ويتعذر علي معرفة قيمة المال، فماذا أفعل الآن بعد مضي ثلاث سنوات على ذلك، أنا نادمة على العمل بمشورة زميلتي، أمر آخر يتعبني جداً وهو: أننا كنا نشتغل عندها كالعبيد, فليس من حقنا الأكل وكانت تأمرنا برمي بقايا الأكل بالقمامة وتمنع أن نتذوق أي شيء، وكنا نشتغل أحيانا 15 ساعة باليوم وتمنع علينا حتى فترة استراحة قصيرة أو الأكل، وكالعادة أشارت علي صديقتي (هداها الله) بأن نأخذ حقنا بأيدينا, فكنا نأكل ما نستطيع سرقته أثناء العمل, وأحيانا نسرق بعض المواد ونأخذها معنا مثل: الخضر, موا د تنظيف, شاي.... أنا أستحي من ذكر ذلك وصدقوني لم أكن أعلم أن ذلك حراما, كنت أطبق ما تقوله البنت لأني اعتقدت أنها على حق في أن نأخذ حقنا بأيدينا، أنا تبت الآن ولا أعرف هل سيعاقبني الله لما أكلته في بطني سرقة، وماذا أفعل لأصلح كل ما فعلته، وهل أتصدق وأنوي بصدقتي أن يكفر الله عني ما ارتكبته عن جهل، فماذا أفعل?

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الجواب على هذا السؤال يتضمن النقاط التالية:

الأولى: أن الموظف يجب عليه أن يلتزم بعقد العمل المبرم بينه وبين صاحب العمل، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ {المائدة:1}، وهذا واجب عليه، وعلى كل حال سواء أكان صاحب العمل مسلماً أو كان غير مسلم، فاسقاً كان أو صالحاً، بخيلاً كان أو كريماً.

الثانية: الموظف والعامل لا يؤاخذ بما تلف تحت يده من أموال مستأجرة إذا لم يك مفرطاً أو معتدياً، وعليه فإذا كسر العامل في المطعم كأساً أو شيئاً بدون تفريط منه في حفظه فإنه لا يضمن قيمته، وتضمينه في هذه الحالة يعد ظلماً.

الثالثة: يجب على صاحب العمل أن يفي بعقد العمل وأن يسلم أجرة العامل كاملة غير منقوصة ما دام العامل ملتزماً بأداء عمله حسب العقد.

الرابعة: إذا جحد صاحب العمل حق العامل فلم يوف له أجرته المستحقة ولم يستطع العامل أخذ حقه بطريقة علنية فله أن يأخذ ذلك بدون علم صاحب العمل شريطة أن لا يتعدى قدر حقه، وحق العامل هنا هو الأجرة المتفق عليها فقط.

وعليه؛ فما أخذته السائلة من أدوات وما أكلته من وجبات زيادة على حقها الذي ظلمتها به صاحبة المطعم فيجب رد ذلك إليها، لأن هذا حق يمكن رده إلى صاحبه فلا مناص من ذلك، وإذا كانت السائلة لا تعرف كم أخذت بالضبط فإنها هنا تعمل بغالب الظن وبه تبرأ ذمتها، ونرجو أن تراجع السائلة في حكم عمل المرأة المسلمة وضوابطه الفتوى رقم: 25983.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني