الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذهب المرجئة في التفريق بين الدين والإسلام والإيمان

السؤال

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم أما بعد: ماهو مذهب المرجئة في التفريق بين لفظ الدين والإسلام، والفرق بين الإسلام والإيمان؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فالمعروف من كلام المرجئة - كما يقول شيخ الإسلام عنهم - التفريق بين لفظ الدين والإيمان، والتفريق بين الإسلام والإيمان.
وحكى بعض الأئمة عنهم أن الدين والإيمان شيء واحد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - كما في مجموع الفتاوى (7/207).
تعليقاً على قول معقل بن عبد الله العبسي عن المرجئة: وقالوا: إن الصلاة والزكاة ليستا من الدين.
قال شيخ الإسلام: (قلت: قوله عن المرجئة: إنهم يقولون إن الصلاة والزكاة ليستا من الدين، قد يكون قول بعضهم، فإنهم كلهم يقولون ليستا من الإيمان، وأما من الدين، فقد حكي عن بعضهم أنه يقول: ليستا من الدين، ولا نفرق بين الإيمان والدين، ومنهم من يقول: بل هما من الدين، ويفرق بين اسم الإيمان واسم الدين، وهذا هو المعروف من أقوالهم التي يقولونها عن أنفسهم، ولم أر أنا في كتاب أحد منهم أنه قال: الأعمال ليست من الدين، بل يقولون: ليست من الإيمان).
وبين شيخ الإسلام أنهم يقولون: الدين ثلاثة أجزاء، الإيمان جزء، والفرائض جزء، والنوافل جزء (7/208).
وقال شيخ الإسلام (7/380): (فالمعروف من كلام المرجئة الفرق بين لفظ الدين والإيمان، والفرق بين الإسلام والإيمان، ويقولون: الإسلام بعضه إيمان، وبعضه أعمال، والأعمال منها فرض ونفل).
واحتجاج بعض الأئمة على المرجئة بقوله تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) [البينة:5] مبني على ما بلغه عن بعضهم من عدم التفريق بين الإيمان والدين، وقولهم: الأعمال ليست من الدين.
وأما الفرق بين الإسلام والإيمان، فالمرجئة يقولون الإسلام أفضل، والإيمان داخل فيه.
قال شيخ الإسلام (كما في مجموع الفتاوى 7/414): (ولهذا صار الناس في الإيمان والإسلام على ثلاثة أقوال:
فالمرجئة يقولون: الإسلام أفضل، فإنه يدخل فيه الإيمان. وآخرون يقولون: الإيمان والإسلام سواء، وهم المعتزلة والخوارج، وطائفة من أهل الحديث والسنة، وحكاه محمد بن نصر عن جمهورهم، وليس كذلك.
والقول الثالث: أن الإيمان أكمل وأفضل، وهذا هو الذي دل عليه الكتاب والسنة في غير موضع، وهو المأثور عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان.
وقال شيخ الإسلام أيضاً (7/154): ( قال الذين نصروا مذهب جهم في الإيمان من المتأخرين، كالقاضي أبي بكر، وهذا لفظه: فإن قال قائل: وما الإسلام عندكم؟ قيل له: الإسلام: الانقياد والاستسلام، فكل طاعة انقاد العبد بها لربه واستسلم فيها لأمره فهي إسلام.
والإيمان خصلة من خصال الإسلام، وكل إيمان إسلام، وليس كل إسلام إيماناً...) انتهى موضع الغرض منه.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني