الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

إخوتي الأعزاء أود الاستفسار منكم بموضوع يخص الإرث وهو كالآتي:
أخي تعرض أثناء قيادته سيارته إلى حادث انقلاب وكان معه في السيارة زوجته وابنته توفيت ابنته في وقت الحادث مباشرة وبعد تسعة ساعات توفيت زوجته ولديها ذهبها الخاص بها وأملاك من أبيها ولها أختان وأم وزوجها لا يزال على قيد الحياة الذي هو نفسه أخي وعليها دين لشخص واحد فأرجوكم أجيبوني بأسرع وقت ممكن. وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد قدمنا في الفتوى رقم:27209 ، والفتوى رقم:22750، خلاف أهل العلم في إرث القاتل خطأ كما بينا شروط كون السائق متسببا في القتل في الفتاوى التالية أرقامها:70441، 68060، 3120، وبينا أن الجمهور يرون أنه لا يرث، بينما ذهب المالكية إلى أنه يرث من غير الدية، ورجحنا مذهب المالكية، وبناء على مذهب المالكية ومن وافقهم فإذا انحصر الورثة فيمن ذكر فإن البنت التي توفيت قبل أبويها يرثها أبواها، لأمها الثلث، ولأبيها الباقي، كما قال تعالى: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ {النساء: من الآية11}

وأما الزوجة فإن مالها يقسم بين ورثتها فتعطى أمها السدس لتعدد الأخوات، ويعطى زوجها النصف، لقوله: وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ {النساء: من الآية12} ويعطى الأختان الثلثين، لقوله: يَسْتَفْتُونَكَ .... فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ {النساء: 176} فتعول المسألة من ستة لثمانية.

وأما دينها فإنه يقضى عنها قبل تقسيم التركة لقوله تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء: 11}

وأما على مذهب الجمهور فإن البنت (بنت أخي السائل) ترث أمها من تركتها الثلث إن لم يكن لها إخوة، لقوله تعالى: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ {النساء: من الآية11} وما بقي يعطى لأقرب العصبة الوارثين، وليس أبوها وارثا هنا عند الجمهور لأنه متسبب في القتل، وأما الزوجة فإنها تقسم تركتها بين وارثيها فتعطى أمها السدس لتعدد الأخوات، وتعطى الأختان الثلثين لقوله تعالى: : يَسْتَفْتُونَكَ .... فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ {النساء: 176} وما بقي يعطى لأقرب العصبة لما في حديث الصحيحين: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر. وليس الزوج وارثا هنا عند الجمهور لأنه متسبب في القتل.

ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني