الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مخالفة المطلق قول من أفتاه بوقوع الطلاق

السؤال

طلقت زوجتي وهي حائض مع علمي بحرمة طلاق الحائض إلا أن المأذون قال إن الطلاق يقع وعلمت بعد ذلك بأن الطلاق لا يقع فقمت بمعاشرتها معاشرة الأزواج بعد خمسة أشهر من الطلاق ولمدة سنة كاملة إلا أنها قلقت بشأن هذه الفتوى فتوقفنا عن ممارسة علاقتنا الزوجية، فما رأي فضيلتكم في وضعنا الحالي وما مسمى علاقتنا الزوجية في تلك الفترة بعد الطلاق فهل نستأنف حياتنا الزوجية أم نعقد عقدا جديدا أم ماذا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فطلاق الحائض يقع ويعتد به مع حرمته وإثم فاعله عند جمهور أهل العلم ومنهم أئمة المذاهب الأربعة، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم إلى عدم وقوعه على ما بيناه مفصلا بأدلته في الفتوى رقم: 23636.

وبناء عليه؛ فإن كان المأذون الذي حكم بوقوعه يمثل القاضي فحكمه صحيح وهو رافع للخلاف في تلك المسألة، وبناء عليه فزوجتك قد طلقت منك، فإن كان طلاقها الأول وخرجت من عدتها فلا يجوز لك نكاحها إلا بعقد جديد، فتكون معاشرتك إياها خلال تلك الفترة محرمة، ويجب عليك أن تكف عنها حتى تعقد عليها عقدا جديدا.

وأما إن كان المأذون مجرد مفت ليست له سلطة قضاء ولا نائب عنه في مثل ذلك فحكمه لا يرفع الخلاف، لكن إن كنت عملت بفتواه مقلدا في ذلك جمهور أهل العلم القائلين بوقوع طلاق الحائض فلا يجوز لك العمل بفتوى غيره من المفتين، قال ابن نجيم في الكنز: وقال الأصوليون أجمع: لا يصح الرجوع عن التقليد بعد العمل بالاتفاق، وهو المختار في المذهب.

وقال البهوتي في كشاف القناع: وإذا استفتى واحدا أخذ المستفتي بقوله....قال في شرح التحرير: لو أفتى المقلد مفت واحد وعمل به المقلد لزمه قطعا، وليس له الرجوع عنه إلى فتوى غيره في تلك الحادثة بعينها إجماعا. نقله ابن الحاجب والهندي وغيرهما.

وجاء في الفتاوى الهندية: لو كان أمضى قول الأول في زوجته وعزم عليه فيما بينه وبين امرأته، ثم أفتاه فقيه آخر بخلاف ذلك لا يسعه أن يدع ما عزم عليه ويأخذ بفتوى الآخر. قال محمد رحمه الله تعالى: وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وقولنا.

ولا ريب أن هذا هو مقتضى سد ذريعة الترخيص والتشهي في العمل وتضارب الأحكام، فلا يكاد يخلو قول من مخالف ولو أبيح ذلك لترتبت عليه مفاسد عظيمة.

وبناء عليه؛ فإنه يلزمك ما عملت به من فتوى المأذون فتكون زوجتك قد طلقت منك، وإذا كانت عدتها قد انقضت وهذه هي الطلقة الأولى وأردت البقاء معها فعليك أن تعقد عليها عقدا جديدا خروجا من الخلاف واحتياطا للدين وإبراء للذمة وإراحة للضمير، وللفائدة انظر الفتويين رقم:5584، 8947.

والله أعلم


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني